"مسرحية الصدمة" التي عرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء نتنياهو وإن كانت مليئة بالعناوين، لكنها عمليا تنقسم الى قسمين. حتى لو وضعنا جانبا انعدام الجانب العملي في تنفيذ نقل 2 مليون غزة لدول توافق على استيعابهم مقابل حوافز اقتصادية فان الأهمية هي في الرسالة التي يرغب الرئيس في إطلاقها. هذا ليس شرق أوسط جديد هذا البيت الأبيض الجديد. المزاج في واشنطن تغير وهو الآن مع شعب إسرائيل. بخلاف أحداث الولاية الأولى للرئيس ترامب، عندما كانت التفافة حذوة حصان حادة في خطة فرض السيادة على مناطق الضفة مجرد انعطافة في حبكة لأربع سنوات، توجد إسرائيل اليوم في واقع آخر بعد 7 تشرين أول (أكتوبر). توجد لها حرب لم تنته، يوجد لها 79 مخطوفة ومخطوفا ما يزالون يحتجزون في أسر حماس، توجد لها حماس التي لم ترحل إلى أي مكان، ويوجد لها أقل من شهر لخوض مفاوضات على المرحلة التالية من الصفقة. إذن ما الذي كان في أقوال الرئيس ترامب ليعطي وزير المالية سموتريتش الشرعية لأن يقف هذا الصباح أمام الكاميرا ويعلن بأنه سيبقى في الحكومة لأن المسار الذي ستتقدم فيه إسرائيل مع الإدارة في واشنطن يؤدي إلى إبادة حماس والى النصر المطلق؟ إذا حاولنا أن نترجم تصريحات ترامب إلى مداخل المنحى للاتفاق التالي، فهذه هي الصورة التي ترتسم أمامنا: الجيش الإسرائيلي يغادر أراضي القطاع (ربما باستثناء القاطع الفاصل)؛ المخطوفون يعودون؛ في هذه الاثناء الرقابة على المعبر في المحور الشمالي يبقى في أياد أميركية، ويحتمل أن يوسعوا التواجد ويراقبوا أيضا محور نتساريم. حتى هنا السيناريو الى هذا الحد او ذاك واقعي. لكن السؤال المركزي يبقى مفتوحا، بلا جواب عملي: ماذا ستكون التسوية التي ستعرض على حماس؟ ما هو النصر المطلق الذي تحدث عنه هذا الصباح رئيس الصهيونية الدينية حين شرح لماذا هو باق ولم ينسحب؟ معقول الافتراض ان في إسرائيل من يؤمنون بان اقوال ترامب عن أنه لا يريد أن يرى حماس في غزة – وانه اذا لم يسوَ هذا في المفاوضات "فانه سينتهي بالعنف" – خلقت تهديدا عسكريا على مسؤولي حماس. تهديدا سيكون مقنعا بما يكفي كي توافق حماس في غرفة المفاوضات على النفي بنمط عرفات – في إسرائيل يترجمون اقوال ترامب كاقرار رسمي للمطالبة في المفاوضات بإبعاد حماس من غزة ولعدم الموافقة على اقل من هذا – وكذا للعودة الى الحرب إذا لم يقبل الشرط في المحادثات. لا يمكن أن نعرف ماذا سيكون مصير المفاوضات – اذا ما امتدت ستتفجر أو ستجلب اتفاقا. إسرائيل تتوجه الى المفاوضات فيما يكون في يدها ائتمانا واسعا تلقته من واشنطن. الهدف الإستراتيجي لبنيامين نتنياهو – الوصول الى خط النهاية، على الأقل، بدون عجز مالي.