عاموس هرئيل* - (إندبندنت عربية) 6/2/2025 رحب إسرائيليون كثر باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لكن الأيام المقبلة ستختبر صموده وتماسك الحكومة الإسرائيلية. *** في الأيام التي أعقبت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة في 19 كانون الثاني (يناير)، غرق كثير من الإسرائيليين في موجة من المشاعر تكاد تضاهي في شدتها وقع الصدمة التي نجمت عن هجوم "حماس" في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023. وكان الفرق هذه المرة، بطبيعة الحال، هو أن هذه الموجة ليست وليدة الحزن والرعب، وإنما وليدة الفرح وإمكانية بزوغ الأمل للمرة الأولى منذ أكثر من 15 شهراً. وبدأ الاتفاق الهش يتعرض لضغوط كبيرة، وقد ينهار في الأسابيع المقبلة. ومع ذلك، توقف القتال في الوقت الحالي في كل من غزة ولبنان، وبدأ الرهائن في العودة إلى منازلهم. ومثلما يتضح من موجات التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الصحافة الإسرائيلية، فإن الغالبية العظمى من الإسرائيليين رحبت بالاتفاق باعتباره سبباً للاحتفال، حتى أولئك الذين عارضوه لأسباب استراتيجية أو أيديولوجية. لكن رد الفعل الساحق لا يتعلق أساساً بالسلام، بل يدور بصورة أكبر حول ما يعنيه هذا الاتفاق بالنسبة للهوية الإسرائيلية التي تعاني أزمة شديدة. والقضية الأساسية للإسرائيليين، التي قد لا يدركها المراقبون الخارجيون تماماً، هي أن إسرائيل منذ تأسيسها في العام 1948، بعد ثلاثة أعوام من نهاية الهولوكوست، عرّفت نفسها بأنها ملاذ آمن لليهود. وعلى مدى أكثر من 70 عاماً، وعلى الرغم من الحروب الكبرى والتحديات المتكررة، كانت قادرة على الحفاظ على هذه الفكرة الأساسية. إلا أن هجمات السابع من تشرين الأول (أكتوبر) كسرت هذه الصورة. فقد تلاشى الاعتقاد بأن الجيش والجهات الأمنية ستصل دائماً في الوقت المناسب لإنقاذ اليهود من الخطر. وبالنسبة للعديد من الإسرائيليين، استمر هذا الفشل طوال مدة الحرب التي دامت لما يزيد على 15 شهراً، أثبتت خلالها الحكومة عجزها عن إنقاذ أو إعادة عدد كبير من الرهائن الـ251، من الإسرائيليين والأجانب، الذين اقتيدوا إلى غزة. والآن، بدأت إسرائيل أخيراً في ترميم هذه الصورة المحطمة. عند وقف إطلاق النار، كان هناك 97 رهينة إسرائيلية بين مدنيين وجنود، يُعتقد أن قرابة نصفهم ما يزالون على قيد الحياة. وتم إطلاق سراح سبعة منهم حتى كتابة هذه السطور، جميعهم من النساء، ومن المتوقع تحرير 26 رهينة أخرى في مجموعات صغيرة خلال الأسابيع الأربعة والنصف المقبلة. وبالنسبة لكثير من الإسرائيليين، لن تتمكن الحكومة والأجهزة الأمنية من التكفير عن الأخطاء التي سمحت بحدوث هجمات السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، لكن اتفاق الرهائن أعاد الأمل للمرة الأولى منذ بدء الحرب في استعادة فكرة الملاذ الآمن -ولو جزئياً. مع ذلك، يأتي الاتفاق بكلفة باهظة، ومن غير الواضح إلى متى قد يصمد. ففي مقابل أول 33 رهينة، وافقت إسرائيل على الإفراج عن نحو 1.700 أسير فلسطيني، بينهم أكثر من 200 يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد بتهمة قتل إسرائيليين. وهذه ليست سوى الجولة الأولى من التنازلات. وبمجرد الانتهاء من "المرحلة الأولى"، سيظل هناك 64 رهينة في غزة، يعتقد أن أقل من 30 منهم على قيد الحياة. وسيتطلب الإفراج عنهم تحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين الإضافيين، بمن فيهم كثيرون من الذين صدرت بحقهم أحكام عدة بالسجن المؤبد. وسوف يشمل المفرج عنهم أيضاً سجناء ينظر إليهم الإسرائيليون باعتبارهم "نجوم الإرهاب"، وهم شخصيات بارزة في الجماعات الفلسطينية المسلحة مسؤولة عن تدبير التفجيرات الانتحارية التي أوقعت أعداداً كبيرة من الضحايا في التسعينيات والعقد الأ