عمان- ما يزال المشهد يكتنفه الغموض حول مدى تأثير قرار الإدارة الأميركية تجميد تقديم المساعدات المخصصة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، لدعم قطاع المياه، إلا أنه في الوقت نفسه قد يخلق فرصا من خلال إعادة النظر في سلم الأولويات وتعزيز الاعتماد على الذات.
محليا، يعد القطاع المائي الأشد تحديا في بلد يصنف بأنه الأفقر مائيا على مستوى العالم، وهو ما قد يعيد النظر في إمكانية خلق وابتكار فرص نابعة من تلك التحديات المفروضة عليه من كل حدب وصوب، خاصة ما يرتبط بأدوات التمويل، ما يعزز من أهمية التوجه نحو تأسيس شراكات متجددة مع القطاع الخاص والمؤسسات المصرفية أو البنوك وغيرها.
وفي هذا السياق، أكد خبراء في قطاع المياه، في تصريحات لـ"الغد"، ضرورة إعادة جدولة المشاريع القائمة والجديدة، وسط إمكانية دراسة وتطبيق طرق ومصادر التمويل ونقلها نحو الشراكة مع القطاع الخاص والبنوك وشركات التأمين، وتأسيس شركات أهلية محلية مساهمة ذات حوكمة موثوقة ورشيدة لجذب الاستثمار.
قرار سابق لأوانه
وفي هذا الصدد، اعتبر الخبير والمدير السابق لوحدة مشروع الناقل الوطني المهندس جريس دبابنة، أن الحديث عن "وقف كلي للمساعدات المقدمة من خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولي هو سابق لأوانه وما يزال مبكرا"، مشيرا إلى عمق العلاقات المشتركة بين الأردن والولايات المتحدة والممتدة جذورها لعمر يتجاوز 60 عاما.
وأشار دبابنة إلى أن الأردن تربطه علاقات صداقة وتعاون وطيدة أيضا متعددة ووثيقة مع الاتحاد الأوروبي واليابان وبريطانيا وكوريا، والتي تساهم بدورها كذلك في دعم المشاريع الإستراتيجية والتنموية.
ورجح أن يتم الإبقاء على الملتزم به من مشاريع مائية، لما له من علاقة وثيقة بالمصالح الأميركية، مدللا على ذلك بما تم الالتزام به لأكبر مشروع في تاريخ الأردن وهو مشروع الناقل الوطني للمياه، والذي سيسهم بحل مشكلة شح المياه حتى العام 2045، وسيكون الضامن للأمن المائي كجزء من الأمن الغذائي للمملكة.
ودعا في الوقت نفسه إلى ضرورة البحث عن مصادر تمويلية أخرى لدعم القطاع المائي من جهة، وضرورة إعادة جدولة المشاريع القائمة والجديدة، وتغيير طرق ومصادر التمويل إلى الشراكة مع القطاع الخاص والبنوك وشركات التأمين، وتأسيس شركات أهلية محلية مساهمة ذات حوكمة موثوقة ورشيدة لجذب الاستثمار المحلي وتعظيم قيمته من جهة أخرى.
وقال دبابنة إن تجميد المساعدات على قطاع المياه، جاء دون سابق إنذار، ما يشير إلى أهمية إيجاد واعتماد البدائل اللازمة.
غموض القرار
من ناحيته، رأى الأمين العام الأسبق لوزارة المياه والري المهندس إياد الدحيات، أن هناك "عدم وضوح" لتأثير تعليق المساعدات الخارجية الأميركية، والذي جاء بتاريخ 25 كانون الثاني (يناير) الماضي وعلى مدار 90 يوما، على تقدّم سير العمل والصرف المالي على مشاريع البنى التحتية الممولة من المساعدات الأميركية والتي يتم تنفيذها وتشغيلها من المقاولين الأردنيين أو الشركات الهندسية المحلية أو الأفراد الاستشاريين العاملين في مختلف القطاعات كالمياه والصرف الصحي والمدارس والصحة والنفايات الصلبة.
ونظرا لذلك، أكد الدحيات "الحاجة لوضع خطة طارئة لضمان ديمومة تنفيذ هذه المشاريع وإنجازها وبالمواصفات الفنية المطلوبة".
ووفق موقع "فورين أسيستانس دوت جوف" والمحدث لغاية 19 كانون الأول (يناير) العام الماضي 2024، فإن إجمالي المساعدات المتعهّد بها من الحكومة الأميركية للمملكة العام 2023، بلغ ما يعادل 1,686 مليار دولار، منها 845 مليون دولار دعم نقدي مباشر للموازنة العامة، في حين كانت حصة قطاع المياه من الإجمالي ما يعاد