غزة- لم يسجل التاريخ أن قبّل أسيرٌ رأس آسره يوم الإفراج عنه، إلا أن هذا ما حصل أمس عندما طبع الأسير "عومر شيم توف" من الاحتلال في آخر دفعات المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة قبلة على رأسي مقاومين من حماس. تلك القبلة العفوية حتما لم تعجب مسؤولي الاحتلال من الحكومة اليمينية المتطرفة التي جرّعت الأسرى الفلسطينيين فنون تعذيب لا تخطر على بال بشر، وأجبرتهم على ارتداء قصمان عند الإفراج عنهم خُط على ظهرها عبارة ادّعو أنها من النصوص الدينية وهي "لا نغفر لا ننسى". ويؤكد محللون أن السنين القادمة ستكشف كيف تمت معاملة أسرى الاحتلال لدى حماس، وفقا لتعاليم الدين الإسلامي، معاملة سمحة، دون تعذيب أو إذلال، وسيروي المحررون من الكيان المحتل قصصا، تعكس الوجه الحقيقي للإنسانية التي غابت في زنازين الاحتلال عن آلاف الأسرى الفلسطينيين. واختُتمت مراسم تسليم آخر الأحياء من المرحلة الأولى بصفقة تبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، أمس بدفعة سابعة من الأسرى بين الجانبين. وخلال مراسم تسليم الدفعة السابعة والأخيرة، وأثناء صعود الجنود الإسرائيليين الثلاثة على منصة التسليم في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، تقدم الأسير الإسرائيلي، نحو أحد عناصر كتائب الشهيد عز الدين القسام، وقبل رأسه، ثم رأس مقاوم آخر بجانبه. وأثار تقبيل الأسير الإسرائيلي لجبين المقاوم، تفاعلًا وتأثرًا كبيرًا وسط الجماهير الفلسطينية المحتشدة حول منصة التسليم. وتعالت أصوات الجماهير بالتكبير والتصفير، فيما أخذ جنود الاحتلال الأسرى الثلاثة بتحية الحشود. وسبق مراسم التسليم في النصيرات، مراسم تسليم أسيرين في رفح جنوبي القطاع. وحملت منصة تسليم الأسرى في رفح، صورة قائد هيئة أركان كتائب عزالدين القسام الشهيد محمد الضيف، وبيت شعر للشهيد القائد يحيى السنوار، كما جرى رفع عدد من صور قادة المقاومة بجانب عبارة "نحن الطوفان.. نحن البأس الشديد". كما استعرض مقاتلو "القسام" أسلحة غنموها من الاحتلال خلال المعارك التي خاضوها مع جيشه ضمن رسائل جديدة بعثتها المقاومة للاحتلال. "العروض العسكرية المهيبة، سلسلة ذهبية لمولودة أحد المفرج عنهم، شهادات التخرج من السجن، هدايا القسام، تقليد الأسرى أساور ومعلقات لخريطة فلسطين، واختيار أماكن التسليم، وغيرها"، كلها رسائل أوجعت الكيان المحتل في خاصرته في كل دفعة تم تسليمها من أسرى الاحتلال. وعلى مدار الأسابيع السبعة لدفعات التبادل، احتج الاحتلال لدى الوسطاء على اللافتات والصور التي كانت تزعجها خلال تسليم المقاومة لأسرى الاحتلال، وهددت مرارًا بتدفيع المقاومة الثمن. وبالرغم من أن كل مراسم التسليم السبعة، كانت المقاومة الفلسطينية، ترسل رسائل قوية لحكومة الاحتلال وجيشه من على المنصة، إلا أن هذا الأسير أرسل بعفويته، رسالة أخرى، لن يكون وقعها على الكيان أقل فتكًا من رسائل المقاومة. ويجزم المختص بالشأن الاسرائيلي عماد عواد بأن "هذه القبلة هي رسائل الانتصار الأخلاقي والقيمي للمقاومة الفلسطينية، في معاملتها تجاه الأسرى الإسرائيليين، والتي رغم ما قام به الاحتلال من قصف وتدمير وقتل للنساء والأطفال والإبادة، لم تتزعزع لديها القيم الأخلاقية في الحفاظ على الأسرى ومعاملتهم الحسنة وعدم التعرض لهم بأي شكل من الأشكال المسيئة". ويقول "ولذلك تقبيلة الرأس هذه، تدلل أن هذا الجندي شعر بحسن المعاملة، وبالتأكيد رأى عددا من الآسرين استشهد في سبيل الدفاع عنه وعن غيره، خاصة أن القصف لم يترك أي منطقة في غزة". ويؤكد عواد أن هذه القبلة لجبين المقاوم، سيكون لها الأثر في الكيان لكن ليس على المستوى الرسمي الذي