غزة - فقد النازح الأربعيني خالد أبو عيطة، وعيه وسقط بين المشاة، في أحد الأسواق شبه الفارغة، قرب المخيمات التي تحيط بمدينة أصداء، جنوبي قطاع غزة، وقد بدت ملامحه شاحبة، وجسده ضعيف منهك، بسبب قلة التغذية.
وحاول المواطنون إفاقة أبو عيطة، بشرب المياه، لكنه رفض وأصر على إكمال صومه.
وسرعان ما بدأت المجاعة تنهش عن عظام الآلاف من الأسر الفقيرة، لحمها، في ظل انعدام السلع الغذائية، لليوم الرابع عشر، في استشراف سريع للمجاعة وسط الغزيين، الذين يصومون شهر رمضان دون مصدر إفطار أو سحور.
اختفاء بسطات الطعام
ويقول أحد أصحاب البسطات المجاور لخيمة النازح أبو عيطة، "إنه يخرج يوميًا من الساعة الثامنة ويعود آخره دون شيء في يديه، وأطفاله حالتهم تبكي الحجر"، مع العلم أنه لم يعد لمخيم جباليا، لحين "تحسن الأوضاع هناك"، بسبب حجم الدمار الذي خلفه جيش الاحتلال.
ويضيف "معظم البسطات اختفت بسبب عدم وجود بضاعة، حتى بسطات الخضار بدأت تفرغ، وهذه بداية مجاعة فعلًا".
وتغلق سلطات الاحتلال معبر كرم أبو سالم جنوب شرقي قطاع غزة، لليوم الرابع عشر، وتمنع إدخال المساعدات والبضائع والوقود، ما أدى لانعدام الأمن الغذائي، وسط مؤشرات لعودة المجاعة للقطاع.
وتعود سرعة انتشار المجاعة بغزة، إلى أنها عانت منها 15 شهرا طوال حرب الإبادة الإسرائيلية، ولم يستعد الغزيون عافيتهم منها سوى أسابيع، مع اتفاق وقف إطلاق النار، الساري منذ 19 كانون الثاني (يناير)، قبل أن يتم خرقه بالإغلاق الحالي المتواصل، منذ بدء شهر رمضان.
وخلال أسبوعين فقد 80 % من الفلسطينيين مصدر الغذاء، بسبب انعدام المواد التموينية بالأسواق وارتفاع البواقي منها، بالإضافة لتوقف معظم التكيات الخيرية وصرف المساعدات من الجهات الإغاثية.
وتوقف 5 مخابز من أصل 18 مخبزًا تعمل في قطاع غزة، والتي يتهددها الإغلاق الأخرى، خلال عشرة أيام، بسبب قرب نفاد كميات الدقيق والمواد اللازمة لصناعة الخبز، وانعدام كميات الغاز، وفق جمعية أصحاب المخابز.
صوم وجوع
ولا يتوقف الأمر عند حد انعدام الغذاء، فأزمة الحصول على مياه الشرب والاستخدام، تتفاقم وسط الخيام، والتي يعاني أصحابها من الحصول عليها، قبل الإغلاق أصلاً.
ويقول أبو إبراهيم انعيم لوكالة "صفا"، "صوم وجوع وفوقه عطش؟!، أين العالم عنا".
ويفيد بأن أصحاب عربات المياه أصبحوا يغيبون عن مجمع الخيام التي يسكن وسطها، ببلدة القرارة شمالي خان يونس.
ويضيف "نحن نعيش أزمة مياه، أصبحنا نبحث عنها خارج مكاننا، ونمشي مسافات طويلة للبحث عن مصادر جديدة".
صاحب إحدى الخيام، سامي فياض، يقول، "أصبحنا ننام معظم النهار حتى لا نشعر بالجوع، فلا السحور سحور ولا الإفطار إفطار، لا ألبان ولا لحوم ولا خضار ولا فاكهة، كله انعدم من السوق فجأة".
ويدعو للنظر "إلى الخيمة ووجوه أطفالي، ليشعر العالم بمعنى المجاعة"، والذين يتورعون جوعا، بسبب أزمة الغذاء التي تتفاقم يوميا.
وفقد 90 % من سكان غزة موارد المياه بسبب إغلاق المعبر، وعدم توفر كميات الوقود اللازمة لايصالها لأماكن العائدين المدمرة أو مخيمات النزوح، وسط اضطرار البلديات لتقنين تشغيل الآبار، حفاظا على ما هو متوفر من وقود، حسب المكتب الإعلامي الحكومي.
وأعلنت بلدية رفح جنوبي قطاع غزة امس عن وقف إيصال الوقود لجميع آبار المياه في المحافظة، قسرا، بسبب استمرار إغلاق المعابر وتشديد الحصار.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي، أول من أمس أنه لم يتمكن من نقل أي إمدادات غذائية إلى قطاع غزة منذ الثاني من آذار(مارس) الحالي نتيجة إغلاق الاحتلال لجميع المعابر الحدودية أمام الإمدادات الإنسانية والتجارية.
وبالرغم من النداءا