د. سوي تشاي أنغ* - (تقرير واشنطن عن الشرق الأوسط) 12/3/2025
بعد أن "أجّلت" جامعة هارفارد محاضرة للكاتبة في مؤتمر شرق آسيا، زارت الدكتورة سوي أنغ واشنطن العاصمة للإقامة مع إلين سيغل، التي كانت قد عملت أيضًا في "مستشفى غزة" في مخيم شاتيلا للاجئين وشهدت المجزرة التي جرت هناك. وفي اليوم التالي، 4 آذار (مارس)، تحدثت الدكتورة سوي في "متحف فلسطين" في الولايات المتحدة في وودبريدج، كونيتيكت. (مازح رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، نفتالي بينيت، أثناء حديثه في كلية هارفارد للأعمال في 6 آذار (مارس) المستمعين، وقال إنه سيرسل جهازًا متفجرًا إلى أي فرد من الجمهور يحاول مقاطعة حديثه).
***
في غضون عامين، سأكون قد قضيت نصف قرن في العمل كطبيبة جراحة في "الخدمة الصحية الوطنية" في بريطانيا بعد وصولي إلى المملكة المتحدة كلاجئة صغيرة من جنوب شرق آسيا. وقد أمضيت معظم هذا الوقت -ثلاثة وأربعين عامًا- كطبيبة مع الفلسطينيين، وما يزالون يخضعون للإبادة الجماعية ويتهددهم التطهير العرقي. في العام 1982، عدت من مهمتي الطبية الأولى في لبنان، وشاركت في تأسيس "منظمة المساعدة الطبية للفلسطينيين". ولم أنظر إلى الوراء أبدًا منذ ذلك الحين. لقد حدّدَت مساعدة الفلسطينيين والجمهور البريطاني مسيرتي المهنية، لكنّ ذلك لم يكن مسارًا واضحًا محددًا سلكته من طفولتي.
لقد نشأت وأنا أدعم إسرائيل، غير عارفة أن الشعب الفلسطيني موجود أصلاً؛ كانوا قد صُنفوا ببساطة كإرهابيين. لكن كل هذا تغير عندما تطوعت كطبيبة جراحة لمعالجة الجرحى في لبنان في العام 1982 مع منظمة "المساعدة المسيحية" Christian Aid. وتم إلحاقي للعمل في "مستشفى غزة" في شاتيلا، وهو مخيم للاجئين الفلسطينيين في بيروت محاذٍ لحي صبرا، أثناء وقف إطلاق النار في آب (أغسطس) من ذلك العام.
تحدثت إلى مرضاي وأحبائهم وعرفت عن التطهير العرقي لخمسين في المائة من الفلسطينيين الأصليين -750.000 شخص في العام 1948. وحتى ذلك الحين، لم أكن قد سمعتُ قط عن نكبتهم، التي تحولت خلالها 78 في المائة من مساحة فلسطين التاريخية إسرائيل، وأُجبر السكان الأصليون على الفرار تحت تهديد السلاح. وأنا أتشارك سنة ميلادي مع النكبة الفلسطينية، حيث عشت عمرًا كاملًا من دون تحقيق أي عدالة للاجئين الفلسطينيين.
كان العديد من الفلسطينيين الذين تعرضوا للتطهير العرقي في فلسطين قد فروا إلى مخيم شاتيلا للاجئين، وهو واحد من 12 مخيمًا في لبنان، خلال النكبة. وعندما التقيت بهم لأول مرة، كانوا يعيشون مسبقًا كلاجئين منذ 34 عامًا. وطوال تلك الفترة -نحو ثلث قرن- لم يُسمح لهم أبدًا بالعودة إلى وطنهم، على الرغم من أن لهم الحق في العودة بموجب القانون الدولي.
في هذه المخيمات انقضت حيوات كاملة. فيها يعيش الناس كلاجئين، ويُنجبون لاجئين، ويموت الكثيرون هناك كلاجئين. وقد أصبحَت هذه المرحلة الثالثة واضحة وضوح الشمس في أيلول (سبتمبر) 1982، بعد شهر من بدء عملي التطوعي هناك، عندما قُتل آلاف الفلسطينيين بدم بارد في مجزرة صبرا وشاتيلا في غضون ثلاثة أيام فقط. وقد شاهدت تلك المجزرة وعشتها معهم.
غادرت لبنان في تشرين الثاني (نوفمبر) 1982 لتقديم شهادتي للجنة التحقيق الإسرائيلية التي تحقق في دور الجيش الإسرائيلي في لبنان. كنتُ قد ذهبت إلى لبنان كطبيبة جرّاحة لمساعدة المرضى، كما يفعل أي طبيب، ولكن بعد أن رأيت ما رأيته، لم أستطع أن أبقى صامتة إزاء اللاإنسانية والوحشية المطلقة للقتل الذي نفذته ميليشيا مسيحية لبنانية موالية لإسرائيل وتعمل تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي. فُتِحت عيناي في العام 1982، وكان كل شيء عشت