اتخذت الحكومة قرارات مهمة تصب في صالح تحديث منظومة النقل في المملكة، حيث كان آخرها أمس، بحضور رئيس الوزراء، تم إطلاق مسار للباص سريع التردد بين مادبا وعمان، بتشغيل 8 حافلات، تنطلق ضمن مواقيت زمنية محددة، بمعدل 52 رحلة يومياً، وبدعم حكومي مباشر. وقبل ذلك بنحو أسبوعين، صدرت قرارات من مجلس الوزراء تهدف إلى تحسين قطاع النقل العام، وهي قرارات طال انتظارها، مما يعكس اهتمام الحكومة بتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين، خاصة في المناطق التابعة لهيئة تنظيم النقل البري. العاصمة عمان تشهد نقلة نوعية في هذا المجال، وسط وجود جهود مستمرة لتوسيع هذه التحسينات لتشمل باقي المحافظات. مجلس الوزراء وافق على إعفاء المشغلين من 50 % من رسوم التراخيص والتصاريح للعام 2025، فهذا القرار يهدف إلى دعم المشغلين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والتقلبات في أسعار النفط. ومن بين القرارات المهمة التي صدرت، إنشاء صندوق دعم نقل الركاب، الذي تم اقتراحه منذ العام 2017، ولكنه لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن، إلا أن الحكومة أقرت أخيرًا هذا الصندوق، وهو ما يعد خطوة كبيرة نحو دعم النقل العام بأشكاله كافة. ومن أهم المشاريع التي يجري العمل عليها في مجال النقل العام، مشروع ربط المحافظات بشبكة نقل حديثة ومنظمة، حيث أجريت دراسات ميدانية لتحديد الترددات المطلوبة لكل خط، لينتج عن ذلك تشغيل أربعة خطوط رئيسية ضمن المرحلة الأولى من المشروع التي تتضمن (إربد، السلط، جرش والكرك)، مما يغطي الأقاليم الثلاثة: الوسط، الشمال والجنوب، حيث يعتمد المشروع على نفس المشغلين والمركبات الموجودة حاليًا، ولكن ضمن تنظيم جديد يهدف إلى تحسين الخدمة وضمان انتظام الرحلات وفق جداول زمنية محددة. وسط ذلك كله، تواجه شركات النقل العام تحديات مالية كبيرة، خصوصًا شركات الاستثمار التي تراكمت عليها ذمم مالية نتيجة الأوضاع الاقتصادية وتأثير جائحة كورونا، ولذلك، قررت الحكومة إعفاء هذه الشركات من الغرامات المالية شريطة التزامها بسداد الذمم المالية وفق جدول زمني محدد. وهنا، لا يمكن إنكار دور شركات المتكاملة للنقل المتعدد ورؤية عمان، إلى جانب حافلات التردد السريع، في تطوير منظومة النقل العام وتقديم خدمات ذات كفاءة أعلى، فهذه التطورات تأتي في إطار خطط استراتيجية تهدف إلى تسهيل حركة الركاب، وتقليل تكاليف التشغيل، وتحقيق تجربة نقل أكثر راحة وأمانًا. شركة المتكاملة -التي ستتولى مسؤولية جدولة الرحلات وضمان انطلاق الحافلات في أوقات منتظمة في مشروع تطوير النقل العام بين عمان والمدن الرئيسية- أنفقت خلال السنوات الأخيرة مبالغ كبيرة لتحديث أنظمة النقل لديها، حيث قامت بتطوير غرف التحكم والسيطرة، واعتمدت أنظمة حديثة لتحصيل الأجور إلكترونيًا، إضافة إلى تتبع الحافلات بالكاميرات لضمان سلامة الركاب وتحسين كفاءة التشغيل، وصيانة وتأهيل الحافلات. وبالمحصلة، إن الخطوات الحكومية مجتمعة تؤكد أن قطاع النقل العام في الأردن يشهد تحولًا نوعيًا، ومن المتوقع أن يستمر هذا التطوير ليشمل مراحل أخرى في المستقبل، لكن يجب النظر إلى واقع شركات النقل العام، ولا بد من دعمها بشكل منتظم لتقليل فجوة الفروقات بين أسعار المحروقات والأجور.