عندما تقرر، فجر أول من أمس، استئناف الحرب في غزة، تم استئناف مسيرة الغباء الإسرائيلية. حكومة إسرائيل مرة ثانية خرقت الاتفاق مع حماس بعد أن رفضت البدء في المفاوضات، كما ينص الاتفاق، حول المرحلتين الثانية والثالثة والتقدم نحو وقف دائم لإطلاق النار. ولكن باستثناء الجانب القانوني والرسمي والمبدأ المهم بأن الاتفاقات يجب احترامها، حتى لو كانت لا تروق لك، ماذا سيفيد الهجوم الكثيف من الجو وتصفية عدد من زعماء حماس في المستوى المتدني والدخول البري المتوقع بعد ذلك؟
هذه العملية بالتأكيد لن تعيد المخطوفين. وليس هذا فقط، بل هي تعرض للخطر المخطوفين الـ22 الذين تقدر الاستخبارات الإسرائيلية بأنهم على قيد الحياة، وهي تصعب على إعادتهم وإعادة الجثامين الـ37 المحتجزة في غزة.
بعد 16 شهرا من القتال، هناك شعور بأننا شاهدنا هذا الفيلم من قبل، المزيد من الشيء نفسه. مرة أخرى تصفية، لكن في هذه المرة لقادة صغار في حماس والجهاد الإسلامي، حيث إن معظم الكبار تمت تصفيتهم. عمليات الاغتيال التي تحبها أجهزة الاستخبارات والجيش الإسرائيلي ويعتبرونها خلاصة كل شيء، موجهة في المقام الأول ضد القيادة المدنية من خلال الاعتقاد بأن ذلك سيسرع القضاء على حكم حماس.
بعد اقتحام حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، وأعمال الذبح والأفعال الفظيعة، لم يكن أمام إسرائيل خيار باستثناء شن الحرب. إسرائيل توحدت كرجل واحد واعتبرتها حربا من أجل الوطن. مئات آلاف رجال الاحتياط، كثيرون منهم من المحتجين ضد الانقلاب النظامي، تجندوا وهبوا للمعركة. ولكن طالت الحرب، بعد أن رفض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مناقشة "اليوم التالي"، وأي بديل سيكون في القطاع بدلا من حماس، هكذا أخذت الحرب تصبح زائدة مع مرور الوقت، و150 مقاتلا على الأقل سقطوا عبقا. هذه المرة، في الجولة الحالية، يصعب إيجاد حتى أي قدر ضئيل من العدالة في قرار استئناف الحرب. من كل الجهات يدركون أن الأمر يتعلق بقرار الخروج إلى حرب غير ضرورية. الحديث لا يدور عن حرب يذهبون إليها والظهر إلى الحائط. لا توجد هنا حرب من أجل الوطن، هذه حرب سياسية وهي تحدث بفضل الدعم الأعمى للرئيس الأميركي ترامب لإسرائيل ولنتنياهو.
أهداف هذه الحرب، كما يبدو، خفية، لكنها واضحة جدا. إعادة ايتمار بن غفير وحزبه إلى الائتلاف وإلى الحكومة، ومواصلة السير الحثيث نحو تشريع سريع هدفه الدفع قدما بتغيير طابع النظام في إسرائيل. المعارك أيضا استهدفت رفع صورة رئيس الأركان الجديد، الجنرال ايال زمير، كـ"قائد حرب"، جنرال عنيف، كما أراد الوزير الذي قام بتعيينه، يسرائيل كاتس، ووزراء اليمين.
هذا السلوك يقزم بشكل غير مباشر صورة سلفه المستقيل، هرتسي هليفي، رغم أنه في ولايته شن الجيش الإسرائيلي حرب انتقام، على الأقل في الأسابيع الأولى بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر)، وقتل آلاف الغزيين الأبرياء ودمر بشكل متعمد المباني السكنية والبنى التحتية المدنية.
عندما تسلم منصبه، قال زمير إنه من أجل المحاربة حسب خطة الحرب التي تمت بلورتها، فإن الجيش الإسرائيلي بحاجة إلى خمس فرق. ولكن معظم هذه الفرق سيأتي من قوات الاحتياط. وسيكون من المثير رؤية ستكون أيضا في هذه المرة استجابة عالية، أو أنه سيستمر منحى "الرفض الأبيض" لرجال الاحتياط بذريعة كل أنواع المبررات.
أيضا في هذه المرة لا أحد في المستوى السياسي يضع لهذه العملية العسكرية هدفا واضحا، قابلا للتحقيق، باستثناء الشعار الفارغ وهو إسقاط حكم حماس. أيضا على فرض أنه يمكن فعل ذلك فإن نتنياهو والحكومة يرفضون إبلاغنا عن الذين كانوا يريدون رؤيتهم يمسكون بدفة الحكم بدلا من حماس في قطاع غزة.