عدنان أحمد يوسف
تواصل أسواق الصكوك الإسلامية توسعها حول العالم بسبب الاقبال المتزايد من قبل الحكومات والمؤسسات على استخدام هذه الأدوات في الحصول على التمويلات اللازمة لبرامج ومشاريع التنمية والتوسع في الأعمال ولكونها أدوات تناسب احتياجاتهم من حيث المرونة وشروط الإصدار والرغبة في استخدامها من قبل المستثمرين والممولين.
وقد أظهرت بيانات للبنك الدولي أن إجمالي إصدارات الصكوك في عام 2024 بلغ حوالي 180 مليار دولار، ولا تزال السوق تسير بخطى ثابتة للوصول بهذه الإصدارات إلى مبلغ إجمالي قدره تريليون دولار في السنوات القليلة القادمة.
وشهد عام 2024 العديد من المعاملات الدولية البارزة مثل إصدار إندونيسيا لصكوك خضراء لأجل 30 عاماً، وإصدار بقيمة 5 مليارات دولار من المملكة العربية السعودية، وإصدار صكوك استدامة بقيمة 2.5 مليار دولار من البنك الإسلامي للتنمية؛ وتُظهر هذه المعاملات مدى عمق هذه السوق. وكانت أكبر البلدان من حيث الإصدارات خلال ذلك العام هي ماليزيا والمملكة العربية السعودية وإندونيسيا.
ويقول البنك الدولي أنه بالرغم من أن النمو السنوي لإصدارات الصكوك لا يزال كبيراً، فإن مفتاح تحقيق كامل إمكانات النمو في هذه السوق يكمن في جذب المزيد من مؤسسات الاستثمار التقليدية. وباستثناء مراكز التمويل الإسلامي الرئيسية في دول مجلس التعاون الخليجي وجنوب شرق آسيا (وبعض مشتري الصكوك المنتظمين في أوروبا والولايات المتحدة)، فإن المؤسسات الاستثمارية ليست على دراية بالصكوك أو تعتبرها منتجاً غير مألوف لا يتوافق مع أنشطتها الاستثمارية. وإذا تعامل المزيد من هذه المؤسسات مع الصكوك على أنها مكافِئة للسندات بوصفها أدوات استثمارية ذات دخل ثابت، فقد تصل سوق الصكوك إلى مستوى آخر من النمو والتطوُّر.
ومن أهم المزايا التي باتت تتمتع بها الصكوك الإسلامية هي ولوجها التمويل المستدام من خلال الصكوك الخضراء. وهنا يعني استخدام حصيلة الإصدار في مشاريع صديقة للبيئة ومستدامة مع الاستعانة بهيئات تحقُّق خارجية ومستقلة (هيئات الرقابة الشرعية في حالة الصكوك) تصادق على ذلك. والأهم من ذلك هو أن الصكوك توفر للمستثمرين هنا منتجات تتوافق مع معتقداتهم الأخلاقية بالإضافة إلى عوائد مالية متوقعة.
ومنذ ظهور الصكوك الخضراء في العام 2017، نمت الصكوك الخضراء (إلى جانب الصكوك المستدامة) لتمثل نحو 10 % من إجمالي سوق الصكوك. وتشمل جهات الإصدار في هذه السوق مجموعة واسعة من المؤسسات بدءاً من الحكومات والجهات السيادية والمؤسسات فوق الوطنية (مثل البنك الإسلامي للتنمية) وصولاً إلى الشركات والمؤسسات المالية. ورغم أوجه التشابه بين الصكوك والسندات الخضراء والتطوُّر الذي شهدته سوق الصكوك الخضراء، ظل كلٌ منهما في نطاق منفصل إلى حد كبير. فقد ازدهرت الصكوك والسندات الخضراء بين قواعد مختلفة من المستثمرين وفي مناطق مختلفة من العالم.
وقد كان أهم هذه التطوُّرات هو نشر إرشادات بشأن الصكوك الخضراء والاجتماعية وصكوك الاستدامة في أبريل/نيسان 2024 والتي اشترك في إعدادها كل من البنك الإسلامي للتنمية، ورابطة أسواق رأس المال الدولية، وبورصة لندن للأوراق المالية. وبالنسبة للعديد من المستثمرين التقليديين، فإن مثل هذه الإرشادات الصادرة عن جهات رائدة معروفة في السوق من شأنها أن تقدِّم المنتَج غير المألوف (الصكوك) في سياق إطار مألوف وثبت نجاحه بالتجربة (الإطار المتطور للسندات الخضراء والسندات الاجتماعية).
ومختتم هذا المقال بالتأكيد بأنه بالرغم من الأوضاع المعاكسة في عام 2024 الناجمة عن استمرار موجات التضخم وحالة عدم اليقين الجيوسياسي، ف