عمان- انتشرت مؤخرا قصة إعلامية عربية استجابت لطلب ابنتها البالغة من العمر 8 سنوات بإزالة شعر وجهها بالليزر، بهدف حمايتها من التنمر.
وقد أثار هذا التصرف جدلا واسعا، حيث رأى البعض أنه قرار مبكر لا يتناسب مع عمر الطفلة، وكان الأجدر بالأمّ أن تعمل على تعزيز ثقة ابنتها بنفسها بدلا من اللجوء إلى الحلول السريعة. في المقابل، اعتبر آخرون أن ما فعلته كان لمصلحة طفلتها، وهو قرار صائب لحمايتها من الأذى النفسي.
وفي مجتمعاتنا العربية لا يعد هذا الموقف استثناء، إذ يسعى بعض أولياء الأمور لتلبية طلبات أطفالهم المبكرة، سواء لتعزيز ثقتهم بأنفسهم أو لحمايتهم من أشكال التنمر المختلفة.
يلجأ بعض الأهالي إلى استخدام مواد كيميائية لفرد شعر أطفالهم، مثل "البروتين"، في سن مبكرة لا تتجاوز السابعة، أو صبغ أجزاء من شعرهم، أو حتى إزالة الشعر بالشفرة في عمر صغير.
وتتباين الآراء حول هذه الممارسات، فبينما يرى البعض أنها سابقة لأوانها، مؤكدين أهمية تعزيز ثقة الطفل بنفسه بدلا من اللجوء إلى هذه الحلول، يعتبرها آخرون تصرفات مقبولة تصب في مصلحة الطفل.
لكن يبقى السؤال: هل تلبية طلبات الأطفال هي الحل الأمثل لحمايتهم من التنمر؟
إجراءات تحت إشراف طبي
من الناحية الطبية، أوضحت اختصاصية الجلدية والليزر والتجميل الطبي د. راية حجازي، أنه لا مانع من إزالة الشعر بالليزر، لكن يفضل الانتظار حتى سن البلوغ. وأكدت ضرورة إجراء هذا الإجراء في عيادات متخصصة تحت إشراف طبيب جلدية، لضمان التعقيم والسلامة، بدلا من البحث عن أقل الأسعار فقط.
كما شددت على تأييدها لاستخدام الليزر، موضحة أن الفتيات الصغيرات قد لا يعرفن الطرق الصحيحة لإزالة الشعر، مما قد يؤدي إلى مضاعفات في حال القيام بذلك بشكل خاطئ.
تنوه حجازي إلى أنه يمكن إزالة الشعر بالليزر قبل سن البلوغ، لكن فائدته تكون أقل، نظرا لأن الشعر يزداد في بعض المناطق بعد البلوغ.
وتشدد على استثناء منطقتي جوانب الوجه (السالف) والذقن من هذا الإجراء، حيث إن إزالة الشعر بالليزر في هذه المناطق قد يؤدي إلى تحفيز نموه بشكل زائد، فيما يعرف بـ "Paradoxical Hypertrichosis"، لذا ينصح بترك الشعر في هذه المناطق أو إزالته بالطرق التقليدية.
في حين أوضحت اختصاصية التربية سعاد غيث، أن على الأهل تربية أطفالهم على كيفية التعامل مع التنمر والتعليقات السلبية، سواء صدرت عن الأقران أو الزملاء أو حتى من الراشدين، حيث قد تتضمن هذه التعليقات إشارات سلبية تتعلق بالمظهر، مثل لون البشرة، العيون، طبيعة الشعر، الحجم، أو طول القامة.
وأكدت غيث أن من مسؤوليات الأبوين مساعدة أطفالهم على تكوين صورة إيجابية عن أنفسهم وعن أجسادهم، بحيث يكون تصورهم لذاتهم إيجابيا، بغض النظر عما إذا كان شكلهم يتماشى مع المعايير الاجتماعية للجمال أم لا.
تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم
ووفق غيث فإن للأبوين دورا مهما في تعليم الطفل حب ذاته كما هي، وغرس هذا المفهوم كجزء من تربيته، عبر تعليمه أن جسده هدية من الله، سواء كانت بشرته بيضاء أو سمراء، أو كان لون عينيه فاتحا أو غامقا.
وتشير إلى أن الاختلاف قد يعرض الطفل للسخرية أو الانتقادات، وهنا يجب تعليمه، من منظور إيماني، أن هذا هو خلق الله، وأنه سبحانه خلقنا في أحسن تقويم.
وفيما يتعلق بمسألة الشعر الزائد لدى الأطفال، توضح غيث أن على الأهل شرح أن هذه الصفات هي خصائص جينية، وعليهم تقبلها. فالقبول، بحسبها، أمر بالغ الأهمية سواء لأجسادنا أو أشكالنا أو حتى خصائصنا.
كما تشدد على ضرورة تحاور الأهل مع الطفل ليكون مدركا أنه في حال كان هناك جانب طبي لهذه المسألة يستدعي استشارة مختص، فسيقو