القلعة نيوز- واجه الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة تحديات جسيمة نتيجة للمخاطر الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية، مما أدى إلى اضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية وضغوط تضخمية أثرت بشكل مباشر على اقتصاد المملكة الأردنية الهاشمية. ورغم هذه الظروف الصعبة، أظهر الاقتصاد الأردني قدرة استثنائية على التكيف مع هذه الصدمات، محققاً نمواً مستداماً بفضل استراتيجيات الإصلاح الاقتصادي والمالي التي تبنتها المملكة. من جهة أخرى، حافظ القطاع المصرفي الأردني على صلابته وقوته، حيث نجحت البنوك المحلية في تعزيز سياساتها الاستثمارية وتطبيق إجراءات احترازية فعالة، مما ساهم في ضمان استقرار النظام المصرفي وضمان استدامة الاقتصاد الوطني على المدى الطويل.

في هذا السياق، أجرت مجلة "الاقتصاد والأعمال" مقابلة مع محافظ البنك المركزي الأردني، الدكتور عادل شركس، الذي تولى منصبه في العاشر من كانون الثاني 2022، بعد مسيرة مهنية حافلة بالنجاح والتميز في البنك المركزي وكذلك في مجال التدريس الجامعي. وتُسلّط المقابلة الضوء على أبرز المستجدات والخطط الاستراتيجية التي يعتمدها البنك المركزي الأردني في ظل التحديات التي تشهدها الساحة الإقليمية والدولية، مما يعكس التوجهات المستقبلية للبنك.

1- كيف تقيمون ارتفاع حجم المخاطر الجيوسياسية في المنطقة، وتلك ذات الصلة بالاقتصاد العالمي، وانعكاساتها على الاقتصاد الأردني، وعلى القطاع المصرفي بشكل خاص؟

لا شك أن الصدمات التي تعرض لها الاقتصاد العالمي خلال السنوات الأربع الماضية، تُسفر مخاطر عالية لبيئة الاستقرار الاقتصادي العالمي. وقد بدأت هذه المخاطر مع تداعيات جائحة كورونا، وما أعقبها من اختلال في سلاسل الامداد التي شكلت النواة للضغوط التضخمية، مما دفع البنوك المركزية لتطبيق سياسات نقدية تشدّدية لاحتوائها؛ مروراً بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي فاقمت من اختلال سلاسل الامداد وغذت الضغوط التضخمية، وانتهاءً بما شهدته منطقة الشرق الأوسط من اضطرابات جيوسياسية نتيجة الحرب في غزة وامتدادها إلى لبنان وسوريا، وما رافق ذلك من اضطرابات في مضيق باب المندب هددت سلاسل التوريد ورفعت من تكاليف الشحن والتأمين.

إزاء ذلك، لا يزال الأداء الاقتصادي يتأثر بحالة عدم اليقين والضبابية التي تحيط بالمشهد الاقتصادي العالمي والإقليمي. وفقاً للتقديرات الأخيرة لصندوق النقد الدولي التي صدرت في تشرين الأول 2024، من المتوقع أن يبلغ معدل النمو العالمي 3.2 في المئة في عام 2024، مقارنةً بـ 3.3 في المئة في عام 2023، وهو ما يزال أقل من المتوسط البالغ 3.6 في المئة للفترة من 2010 إلى 2019 التي سبقت حدوث هذه الصدمات. وتشير التوقعات إلى استمرار نمو الاقتصاد العالمي بمستوى قريب من هذا المعدل خلال الأعوام الثلاثة المقبلة. ويبدو أن هذا التأثير أكثر وضوحاً في منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا، حيث تشير التوقعات إلى بلوغ معدل النمو 2.4 في المئة فقط في عام 2024، مقارنةً بمتوسط قدره 3.5 في المئة للفترة من 2010 إلى 2019، مما يعكس، في جانب منه، تأثر المنطقة بالمخاطر الجيوسياسية.

على صعيد الاقتصاد الأردني، فقد أظهر مقاومة عالية في مواجهة الصدمات المتعددة التي تعرض لها تاريخياً، بما في ذلك تداعيات الأوضاع الجيوسياسية الأخيرة. جاء ذلك بفضل سلامة نهج السياسات الاقتصادية، والالتزام الصارم بالإصلاحات الهيكلية، وامتلاك الأردن لخارطة طريق طويلة المدى للإصلاح الشامل بمساراته الثلاثة: السياسي، الإداري، والاقتصادي. وعلى الرغم من أن هذه الاضطرابات أثرت سلباً على السياحة والاستثمار الأجنبي منذ الربع الأخير من عام 2023، إلا أن الاقتصاد الأردني تمكن من تحقيق نمو بنسبة 2.7 في المئة في ذلك العام، متفوقاً على متوسط معدل النمو البالغ 2.4 في المئة خلال الفترة من 2010 إلى 2019. ورغم تعمق تأثير الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة خلال الربع الأول من عام 2024، إلا أن الاقتصاد الأردني سجل نمواً نسبته 2.0 في المئة في هذا الربع، ليتأقلم سريعاً مع الأحداث الراهنة ويرتفع النمو إلى 2.4 في المئة في الربع الثاني من 2024، و2.6 في المئة في الربع الثالث من نفس العام. وتُشير التوقعات إلى تسجيل الاقتصاد نمواً بنسبة 2.4 في المئة لعام 2024 كاملاً، وأن يتحسن في العام الحالي 2025 ليبلغ 2.7 في المئة عاكساً التعافي التدريجي من تداعيات الاوضاع الجيوسياسية في المنطقة، على أن يستعيد الاقتصاد عافيته خلال عامي 2026 و2027 مسجلاً نمواً يقارب 3.0 في المئة.

أما فيما يتعلق بانعكاسات المخاطر الجيوسياسية في العالم والمنطقة على القطاع المصرفي في الأردن، فلا بد من الإشارة إلى أن الظروف الجيوسياسية المحيطة بالمملكة ليست جديدة، حيث تأخذ البنوك العاملة في المملكة هذه الظروف بعين الاعتبار عند إعداد سياساتها الاستثمارية والائتمانية ونماذج أعمالها، والتي يقوم البنك المركزي الأردني بمراجعتها للتأكد من مدى ملاءمتها وكفايتها.

وفي ضوء أن فروع البنوك الأردنية العاملة خارج الأردن تتركز في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبعضها يتواجد في البؤر السياسية الساخنة المحيطة بالمملكة، يقوم البنك المركزي، بموجب دوره الرقابي، بمتابعة حثيثة لأوضاع هذه الفروع بشكل مستمر للتأكد من قدرتها على الحفاظ على متانة أوضاعها في ظل الظروف الطارئة والمستجدة، والتدخل المبكر باتخاذ الإجراءات اللازمة التي تحول دون التأثير على أوضاع البنوك. كما تتعدد الإجراءات التي يتخذها البنك المركزي الأردني للتعامل مع المستجدات في الظروف الجيوسياسية، بهدف الحفاظ على متانة القطاع المصرفي الأردني وتعزيز قدرته على تحمل الصدمات، من خلال زيادة رؤوس أموال البنوك العاملة في المملكة، أو اقتطاع المخصصات اللازمة للتحوط من الخسائر المتوقعة، أو اللجوء إلى تخفيض التعرضات. وتعتبر مثل هذه الإجراءات متأصلة في الثقافة المصرفية للبنوك العاملة في المملكة.

كما يحرص البنك المركزي على توجيه البنوك لتفعيل خطط استمرارية العمل والطوارئ، وضرورة قيام لجان المخاطر والامتثال باتخاذ الإجراءات الفورية اللازمة لتحديد أبعاد الأزمات وتقليل آثارها على أعمال الفروع العاملة في البلدان ذات المخاطر الجيوسياسية العالية بشكل خاص، وعلى القطاع المصرفي الأردني بشكل عام، وكذلك تفعيل المواقع البديلة لضمان وجود نسخ احتياطية للحفاظ على حقوق العملاء والبنوك.Top of Form

2- ما هو تقييمكم للقطاع المصرفي من حيث معدل كفاية رأس المال وجودة الأصول والمحافظ الائتمانية، وهل من سياسات جديدة على صعيد تعزيز تطبيق معايير الامتثال (Compliance) والحوكمة ومكافحة غسل الأموال؟

أثبت الجهاز المصرفي الأردني قدرته العالية على تحمل مختلف الصدمات المالية والاقتصادية العالمية، وظروف عدم الاستقرار الجيوسياسي في المنطقة. وتؤكد المؤشرات قوة ومتانة القطاع المصرفي الأردني، حيث تحافظ البنوك العاملة في المملكة على نسب مرتفعة من كفاية رأس المال، التي بلغت 17.6 في المئة في نهاية النصف الأول من عام 2024، وهي تفوق النسبة المطلوبة بموجب التعليمات الصادرة عن البنك المركزي بهامش مريح، وتُعد من أعلى المستويات في منطقة الشرق الأوسط.

وتشكّل محفظة التسهيلات الائتمانية المكوّن الأكبر من موجودات القطاع المصرفي الأردني بنسبة تفوق 50 في المئة، مما يدفع البنك المركزي الأردني إلى متابعة جودة التسهيلات ضمن المحافظ الائتمانية للبنوك لضمان الحفاظ على سلامة القطاع المصرفي. وعلى الرغم من التوترات الجيوسياسية السائدة في المنطقة، إلا أن نسبة الديون غير العاملة إلى إجمالي الديون لم ترتفع بشكل كبير، حيث بلغت في نهاية النصف الأول من عام 2024 نحو 5.6 في المئة مقارنة بـ 5.1 في المئة في نهاية عام 2023. علماً أن معدل تغطية المخصصات المرصودة مقابل هذه الديون بلغ نحو 73.1 في المئة في نهاية النصف الأول من عام 2024.

وفيما يتعلق بالقسم الثاني من السؤال حول وجود سياسات جديدة لتعزيز تطبيق معايير الامتثال والحوكمة ومكافحة غسل الأموال، فقد قام البنك المركزي الأردني في بداية عام 2023 بإصدار تعليمات محدثة للحوكمة المؤسسية لكافة البنوك العاملة في المملكة، والتي تعكس بعض التغييرات الرئيسية الموصى بها من قِبل لجنة بازل للرقابة المصرفية. وقد شملت هذه التعديلات مطالبة أعضاء مجلس الإدارة صراحةً "ببذل العناية المهنية الواجبة"، وحظر تفويض أي من صلاحيات اللجان المنبثقة عن المجلس المنصوص عليها في التعليمات لأي سلطة أخرى. كما تضمنت التعليمات المحدثة حظر تشكيل أي لجنة لها صلاحيات تنفيذية، فضلاً عن إضافة بعض المهام للإدارة التنفيذية العليا، أبرزها إعداد الموازنة السنوية للبنك، وتحقيق الرقابة الثنائية على الأقل لكل نشاط داخل البنك وغيرها.

وبالنسبة لتعزيز الامتثال، فقد تضمنت تعديلات تعليمات الحوكمة المؤسسية للبنوك استحداث لجنة للامتثال في كافة البنوك، حيث تقوم هذه اللجنة بعدد من المهام التي تسهم في تعزيز الامتثال في هذه البنوك، بما في ذلك ضمان وجود سياسة امتثال خاصة بالبنك وإجراءات منبثقة عنها، بما يكفل إنشاء وظيفة امتثال قادرة على أداء مهامها بفعالية. كما تقوم اللجنة بإجراء تقييم لمدى فعالية إدارة البنك لمخاطر عدم الامتثال، والإشراف على تنفيذ سياسة الامتثال في البنك، والحرص على قيام الإدارة التنفيذية في البنك بحل كافة المسائل المتعلقة بالامتثال بسرعة وفعالية، بالإضافة إلى إنشاء وظيفة الامتثال للشريعة تحت إشراف مجلس الامتثال الشرعي.

أما على صعيد مكافحة غسل الأموال، فقد تبلورت جهود المملكة من خلال إعلان مجموعة العمل المالي عن رفع اسم الأردن من القائمة الرمادية، وما تم الإشادة به من جهود في رفع مستوى فعالية المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومواءمتها مع المعايير الدولية. ولضمان استدامة المنظومة، استمر البنك المركزي في مراجعة التشريعات ذات العلاقة، والعمل على تحديثها، وفقاً لآخر المستجدات والممارسات الدولية والتقارير الصادرة عن المنظمات الدولية، وتحديث تقييمات المخاطر بصورة دورية لتحديد التهديدات والتعرضات ونقاط الضعف الناشئة، وتركيز الموارد في المجالات مرتفعة المخاطر واتخاذ الإجراءات المناسبة لخفض تلك المخاطر. ومع تطور التقنيات المستخدمة والأطراف المشاركة لتنفيذ عمليات الدفع، بات من الضروري تحديد حدود المسؤولية والمساءلة بما يرفع الكفاءة والفعالية والأمان ويحول دون ازدواجية الإجراءات من الجهات الفاعلة، الأمر الذي يعزز الدور الإشرافي للبنك المركزي من خلال الأدوات الرقابية المختلفة والتعاون بين القطاعين العام والخاص لمعالجة أي تحديات يمكن أن تظهر. وهذا يؤدي بدوره إلى تعزيز الشمول المالي للأشخاص أو الكيانات المستبعدة من النظام المالي والقضاء على ظاهرة الاقصاء من المخاطر (DE-RISKING) وما يترتب عليها من ظهور للقنوات المالية البديلة (غير الرسمية).

3- أطلق البنك المركزي استراتيجية جديدة للشمول المالي (2023 – 2028) ، كيف ستسهم هذه الاستراتيجية في تعزيز الوصول إلى الخدمات المالية لكافة فئات المجتمع؟
أصبح الشمول المالي يحظى باهتمام متزايد من قبل صانعي السياسات الاقتصادية، لارتباطه بتحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، وخلق فرص العمل، من خلال حشد الموارد لتعزيز الادخار وزيادة معدلات الاستثمار، وإتاحة التمويل للشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة. وقد أدرك البنك المركزي الأردني مبكراً أهمية الشمول المالي، حيث قام في عام 2017 بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي (2018-2020)، كأول دولة في المنطقة آنذاك، والتي نجحت في تحقيق ما هو أبعد من أهدافها الرئيسية. فقد أظهرت الدراسة المسحية للاشتمال المالي لعام 2022 ارتفاع نسبة الاشتمال المالي (مقاساً بنسبة ملكية الحسابات المالية) في المملكة من 33.1 في المئة إلى 43.1 في المئة، بدلاً من النسبة المستهدفة في الاستراتيجية والبالغة 41.5 في المئة. كما تم تقليص الفجوة الجندرية في القطاع المالي من 53 إلى 22 في المئة، بدلاً من النسبة المستهدفة البالغة 35 في المئة في تلك الاستراتيجية.

واستكمالًا للجهود الرامية إلى توسيع نسبة الشمول المالي في المملكة، أطلق البنك المركزي الأردني استراتيجية وطنية جديدة للاشتمال المالي للأعوام (2023-2028). وتتمحور أهداف الاستراتيجية الجديدة حول تعزيز الوصول والاستخدام المسؤول والمستدام للمنتجات والخدمات المالية لمختلف فئات المجتمع، بما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة. تستهدف هذه الاستراتيجية كافة الأفراد المقيمين على أرض المملكة الأردنية الهاشمية، وقطاع الأعمال، خاصةً أولئك المستبعدين ماليًا، وعلى وجه الخصوص الـ 40 في المئة الأقل دخلاً، والمرأة، والشباب، واللاجئين، والمنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، والتي تم اختيارها بناءً على نتائج الدراسة المسحية للاشتمال المالي لعام 2022 التي أظهرت تدني مستويات الاشتمال المالي بين هذه الشرائح مقارنة بغيرها.

وتستند الاستراتيجية الجديدة إلى مجموعة من الركائز الأساسية تشمل التمويل والادخار، والتأمين، والدفع والتحويل، بهدف إيجاد حلول مالية مبتكرة ومستدامة. وهذه الركائز تدعمها مجموعة من الممكنات ذات الأولوية التي من شأنها تعزيز الوصول والاستخدام الفعال والمستدام للخدمات والمنتجات المالية، وتشمل: تمكين المستهلك المالي وسلوكيات السوق، التكنولوجيا المالية والابتكار، البيانات والأبحاث، الأطر القانونية والتشريعية، والتنسيق والالتزام المؤسسي.

هذا وقد أولت الاستراتيجية اهتمامًا خاصًا بالتكنولوجيا المالية والابتكار كأداة لتعزيز الاشتمال المالي، وذلك بتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية، وخفض تكلفة استخدامها، وتوفير المزيد من الخيارات لجميع الفئات. كما توفر التكنولوجيا المالية أدوات ابتكارية تمكّن أصحاب الأعمال من إدارة أعمالهم بأسلوب تنافسي، وتقديم منتجات مبتكرة تساهم في تعزيز مكانتهم السوقية. كما تم وضع سياسات تهدف إلى ضمان تعامل المستهلكين مع النظام المالي بما يتناسب مع مصالحهم، ومساعدتهم على التأقلم المالي بشكل يومي، ورفع ثقافتهم المالية، بما يمكنهم من مواجهة الصدمات غير المتوقعة، وبالتالي تعزيز مناعتهم المالية.

هذا، وتستهدف الاستراتيجية العمل على توفير منتجات تمويلية وادخارية وتأمينية تتلاءم مع احتياجات مختلف الشرائح المستهدفة، وبالأخص المرأة والشباب، بالتعاون مع المؤسسات المالية. فضلاً عن أتمتة مدفوعات مجموعة من القطاعات الاقتصادية مثل الصحة والنقل، بالتنسيق مع الوزارات المعنية. كما سيتم تعزيز الوصول إلى التمويل المسؤول للمنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وتحسين استخدام هذه المنشآت للخدمات المالية الإلكترونية، بالإضافة إلى تطوير برامج لبناء القدرات المالية لها.

علاوة على ذلك، سيتم العمل على تطوير منتجات تمويلية تستهدف رائدات الأعمال والنساء العاملات في قطاعات مثل الصحة والتعليم والإسكان، بالإضافة إلى زيادة أدوات/منتجات الادخار والحلول الرقمية التي تقدمها المؤسسات بالتعاون مع الأطراف الرئيسية الفاعلة في قطاع التكنولوجيا المالية. كما سيتم توسيع نطاق الخدمات والمنتجات التأمينية لتشمل المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وفئة الـ 40 في المئة الأقل دخلاً.

4-يشهد العالم قفزات مُتسارعة نحو الاقتصاد الرقمي، ولا شك أن القطاع المصرفي يُعد عنصراً أساسياً لعملية التحول الرقمي، ما هي توجهات البنك المركزي في تعزيز بيئة الاقتصاد الرقمي؟

يسعى البنك المركزي الأردني نحو استغلال ثمار التكنولوجيا والاستفادة من التقنيات المالية الحديثة والابتكارات الناتجة عنها، والتي تساهم بشكل مباشر ورئيسي في الارتقاء بالبنية التحتية للنظام المالي الأردني ورفع كفاءته وفاعليته، بما في ذلك تمكين الوصول إلى الخدمات المالية والمصرفية لجميع شرائح المجتمع الأردني، والمساهمة في تعزيز الشمول المالي. وضمن هذا الإطار، عمل البنك المركزي الأردني على تحفيز وتشجيع المؤسسات المالية والمصرفية الخاضعة لإشرافه ورقابته على توظيف التكنولوجيا المالية لتعزيز التحول الرقمي، بما يسهم في بناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار. بناءً على ذلك، أطلق البنك الاستراتيجية الوطنية للمدفوعات الإلكترونية (2023-2025)، ترجمةً لالتزام البنك المركزي والبنوك والمؤسسات المالية الخاضعة لرقابته بتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي؛ بهدف إطلاق الإمكانات الوطنية في مختلف المجالات، ومنها قطاع الخدمات المالية، سعياً لتحقيق النمو الشامل المستدام الذي يكفل توفير فرص العمل للأردنيين والأردنيات، وضمان نوعية حياة أفضل للمواطنين.

وقد شهد القطاع المالي الأردني تطورات ملحوظة في بنيته التحتية الرقمية على مدار العقد الماضي، حيث أطلق البنك المركزي الأردني العديد من الأنظمة المتطورة مثل نظام غرفة التقاص الآلي (ACH) الذي عالج معاملات بقيمة 8.5 مليار دينار في عام 2023، ونظام عرض وتحصيل الفواتير إلكترونيًا "إي فواتيركم" الذي سجل معاملات بقيمة 11.6 مليار دينار. إضافة إلى ذلك، تم تعزيز المدفوعات الفورية من خلال نظام "كليك" والمحافظ الإلكترونية الذي عالج معاملات بقيمة 8.2 مليار، علاوة على تعزيز المدفوعات اللاتلامسية، مما ساهم في تقوية التحول إلى الاقتصاد الرقمي وزيادة الاعتماد على حلول الدفع الرقمية.Top of Form

على صعيد آخر، حرص البنك المركزي الأردني على تمكين القطاع المالي والمصرفي في الأردن من استيعاب التطورات التقنية العالمية الحديثة مثل خدمات الدفع عبر الهواتف الذكية (Apple Pay، Samsung Pay، Google Pay)، وتقديم بطاقات الدفع متعددة العملات، وخدمة "اشتر الآن وادفع لاحقًا (Buy Now Pay Later)". إذ يعكس هذا التوجه التزام البنك المركزي الأردني بتوفير خدمات مالية ومصرفية مبتكرة تلبي تطلعات المجتمع الأردني، ويعزز التوجه العام بأن يكون الأردن مركزاً إقليمياً رائداً ووجهة استثمارية للتقنيات المالية.

.