بقلم : د. لبيب قمحاوي الهوية العربية في خطر والهدف إزالتها من الوجود ومن وجدان الأمة العربية . تدمير القومية العربية والرابطة العربية الجامعة كان دائماً هدفاً أمريكياً وحلماً إسرائيلياً ساعدت معظم الأنظمة العربية على جَعْلِ النجاح في تنفيذه ممكناً، وتم العمل مع الوقت على استبداله بإطارات أخرى عكست حالة الفشل والخنوع العربي وصولاً إلى إطارات وعناوين مبتكرة أدّت إلى ربط الدول العربية بإسرائيل مثل الشرق الأوسط الجديد ومعاهدات واتفاقات السلام، والنهج الإبراهيمي وصفقة القرن مما يعكس جنوحاً عربياً واضحاً نحو إستبدال المعقول العربي باللامعقول الإسرائيلي الأمر الذي يصعب تفسيره منطقياً إلا بتفاقم حالة عامة من الإنهيار والعجز العربي والإنصياع لمنطق القوة الذي تمثله أمريكا وإسرائيل على حساب منطق الحق. الوحشية والتوحش الإسرائيلي أمراً لا يمكن التغاضي عنه بإعتباره سلوكاً طارئاً أو حالة مرتبطة بسلوك حكومة إسرائيلية بعينها . الأمر أعمق من ذلك ، فهذا السلوك يعكس احساساً إسرائيلياً عميقاً بالذنب المرتبط بسرقة وطن شعب آخر والتشبث به من خلال محاولة إعادة كتابة تاريخ المنطقة وخلق اكذوبة الحق التاريخي والديني في هذا الوطن وإعتبار احتلاله عودة إلى وطن الأجداد الأمر الذي يمنعه الإسرائيليون الآن عن الفلسطينيين . والنهج الإبراهيمي مثلاً يأتي في سياق هذا التفكير وهذه العقلية الإستعمارية الإحلالية التي تهدف إلى تزوير تاريخ المنطقة وإعادة كتابته بما يتناسب وأهداف إسرائيل. الحقيقة أن “دولة إسرائيل” بإعتبارها ربيبة للولايات المتحدة تتشارك وإياها في نفس التاريخ الإجرامي الاحلالي وإغتصاب أوطان الآخرين . وفي الواقع فإن الوحشية التي عَامَلَ بها الأمريكيون سكان أمريكا الأصليين والتي أدت إلى إبادة معظمهم هي نفس الوحشية التي يحاول الإسرائيليون استعمالها الآن ضد الفلسطينيين خصوصاً في إقليم غزة مما يشكل رابطاً تاريخياً وسلوكياً...