وطنا اليوم:في ذكرى معركة الكرامة الخالدة يتجدد الموعد مع التضحية والصمود، لنتفيأ ظلال المجد والبطولة والكبرياء في معركة ضارية خاضها فرسان أشدّاء، امتطوا خيولهم، وامتشقوا سيوفهم التي ما سُلّت إلا بالحق وللحق، ومضوا بأنفة وشموخ في مواجهة مع الجيش الاسرائيلي محطمين أسطورة الجيش الذي لا يقهر، فكانت الهمم فوق القمم، عاقدة العزم على الانتصار على الجيش الاسرائيلي الذي عاد يجرّ وراءه أذيال الخيبة والخسارة والهلاك. في هذا اليوم الأشمّ تسلّح نشامى الجيش العربي بالإيمان والعزيمة الصادقة، بعد أن أدّوا فرضهم وتوكلوا على ربهم، ليلبّوا نداء الحق والواجب في الدفاع عن تراب أرضهم الطهور، فزرعوا في أرض الكرامة عزاً وفخراً، وزيتوناً ونخلاً، ودحنوناً وزعتر، بدمائهم الطاهرة الزكية، وبأرواحهم النديّة، فخُضّبت الأرض بنقش أياديهم الطيبة المباركة، ورسموا بها لوحة مجد وخلود، فكان النصر بعد الصبر، يعلو هامات الأحرار، ويزين جباههم التي سجدت لربها وجادت بأرواحها، ليظل الوطن حراً عزيزاً. ففي فجر يوم 21 من آذار الخير عام 1968، هبّت نسائم الفجر الصادق، ناشرة رياحينها على رحاب الكرامة، وسار الأبطال في مواكب عانقت الكواكب، وانطلقوا ينقضّون على تلك الفئة الباغية التي حاولت تدنيس الأرض الطاهرة، إلا أن الأسود كانت لهم بالمرصاد، تزأر فوق التلال والهضاب، وسجّلت قواتنا المسلحة نصرًا محققًا عانق الغمام، وظل ماثلاً أمام العيان؛ ليشهد على التضحيات الجسام التي سطرتها في مجابهة الجيش الإسرائيلي الغاشم، وليبقى أثرًا لا يمّحي، وعلامة دالّة على حكمة وشجاعة قائدها المغوار المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال، وبسالة جنودها الأبطال الصابرين الصامدين، فكانت العزائم قوية صلبة تدك البغي وتمحو الظلام. أراد الجيش الإسرائيلي المتغطرس من هذه المعركة تحطيم القدرات العسكرية والروح المعنوية للقوات الأردنية الباسلة التي قلبت الموازين، التي...