السمردلي يكتب: الحكمة في الأحزاب والعمل الحزبي ليست ترفًا ولا مجرد مهارة إضافية، بل هي العمود الفقري الذي يحدد مصير الحزب بين الاستمرار القوي أو الانهيار التدريجي إنها القدرة على إدارة المصالح والتناقضات بذكاء، على قراءة المشهد السياسي بواقعية، وعلى اتخاذ قرارات متوازنة تحقق المكاسب دون التضحية بالمبادئ فالحزب ذو الرؤية الحكيمة هو الذي يدرك أن السياسة ليست ساحة استعراض ولا معركة كسر عظم، بل هي فن تحقيق الممكن في ظل المعطيات المتاحة إنه الحزب الذي يعرف متى يواجه ومتى يناور، متى يتقدم ومتى يتراجع تكتيكيًا ليعود أقوى أما الأحزاب التي تفقد الحكمة، فهي كالسفن التي تبحر بلا بوصلة، تتخبط في أمواج السياسة حتى تتحطم أو تُبتلع. أحد أهم مظاهر الحكمة في العمل الحزبي هو القدرة على إدارة الخلافات الداخلية بذكاء، دون أن تتحول إلى صراعات تضعف الحزب من الداخل فالأحزاب التي تفتقر إلى الحكمة تتحول سريعًا إلى ساحات نزاع بين الأجنحة المتصارعة، وتصبح القيادة فيها قائمة على تصفية الحسابات لا على تحقيق الأهداف وعندما تسيطر الحسابات الشخصية والانفعالات على العمل الحزبي، يصبح الحزب مهددًا بالتفكك أو التحول إلى مجرد أداة بيد قوى أخرى، تفقده استقلاليته وقدرته على التأثير فالقائد الحزبي الحكيم لا يترك الخلافات تتفاقم حتى تتحول إلى معاول هدم، بل يديرها بحنكة، فيعرف متى يحتويها ومتى يحسمها، دون أن يسمح لها بأن تبتلع الحزب كله. أما في التعامل مع الخصوم السياسيين، فالحزب الحكيم لا يجعل السياسة مسألة ثأرية، ولا ينجرف خلف المعارك الجانبية التي تستنزف طاقته بلا طائل ويعرف أن السياسة هي مزيج من الصراع والتعاون، وأن العداء المطلق موقف غبي لا يخدم سوى من يسعى لإضعاف الحزب لذلك، يبني تحالفاته على أسس...