وطنا اليوم_بقلم عامر الشوبكي / باحث اقتصادي متخصص في شؤون الطاقة في الآونة الأخيرة، تجددت في العراق دعوات من أحزاب وفصائل لوقف تصدير النفط إلى الأردن بأسعار تفضيلية، خاصة عقب مباراة كرة قدم أثارت توترات عابرة. هذه الحملة، التي تظهر بشكل دوري، تدعي أن العراق يدعم الأردن على حساب موارده الوطنية، لكن هذا الادعاء يتجاهل الحقائق الاقتصادية والتاريخية التي تربط البلدين. العلاقة بين العراق والأردن ليست مجرد مسألة نفط، بل شراكة استراتيجية متجذرة في المصالح المشتركة والروابط الإنسانية العميقة. هذا التقرير يهدف إلى تفنيد المزاعم العراقية، وإبراز الفوائد المتبادلة لهذا التعاون، مع التأكيد على ضرورة الوحدة بين الشعبين لمواجهة أي محاولات لزعزعة الاستقرار، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية الراهنة. ???? الشراكة الاقتصادية – مصلحة مشتركة 1.1 السياق التاريخي للتعاون النفطي منذ بداية إنتاج النفط في العراق مطلع القرن العشرين، واجه العراق تحديات في إيجاد منافذ تصدير مستقرة. توقف أنبوب كركوك-حيفا عام 1948 بعد قيام إسرائيل، ثم توقف أنبوب كركوك-بانياس عام 1982 بسبب الحرب مع إيران والخلافات مع نظام حافظ الأسد. هنا برز الأردن كشريك حيوي، حيث أصبح ميناء العقبة منفذًا رئيسيًا للنفط العراقي خلال الحرب العراقية-الإيرانية (1980-1988) وفترة الحصار (1990-2003). في المقابل، قدم العراق كميات نفط مجانية أو بأسعار تفضيلية للأردن، مما يعكس طبيعة التبادلية في العلاقة. 1.2 الأسعار التفضيلية – ليست خسارة للعراق الأسعار التفضيلية للنفط العراقي للأردن ليست “هدرًا” كما يُروج البعض، بل جزءًا من ترتيب اقتصادي متوازن. النفط من حقل كركوك، على سبيل المثال، يتطلب تكاليف نقل وتخزين إضافية مقارنة بالتصدير عبر ميناء البصرة. هذه التكاليف تُعوض من خلال “علاوة المورد”، مما يجعل السعر النهائي عادلًا...