لا يحمل تاريخ نشأة هيربرت كيكل المكلّف تشكيل الحكومة العتيدة في النمسا، ارتباطاً باليمين المتطرف أو النازية، كأسلافه الذين قادوا حزب الحرية قبله. ولكن مع هذا قد يكون الزعيم الأكثر تطرفاً الذي ترأس الحزب خلال العقود الأخيرة. ذلك أن كيكل غالباً ما يكرر تعابير استخدمها النازيون، ومنذ تكليفه تشكيل الحكومة مطلع العام، بدأ يلقب نفسه بـ«مستشار الشعب»، وهو اللقب الذي كان يستخدمه هتلر لوصف نفسه. وبالتالي، في حال نجح كيكل بتشكيل الحكومة، سيكون المستشار الأول للنمسا الذي ينتمي إلى حزب متطرف أسسه عام 1955 أعضاء في «قوات الأمن الخاصة النازية» المعروفة اختصاراً بالـ«إس إس». الحزب اليوم معادٍ للاتحاد الأوروبي ومقرّب من روسيا، ومع أنه شارك في حكومات ائتلافية نمساوية في السابق، إلا أنه لم يقُد أياً منها بعد. وراهناً، رغم تكليف كيكل - بعدما تصدّر حزبه انتخابات سبتمبر (أيلول) الماضي بحصده نسبة 29 في المائة من الأصوات، ما زال من غير الواضح ما إذا كان سينجح فعلاً بالمهمة الموكلة إليه «اضطراراً». فالرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلن فضّل بدايةً تكليف زعيم حزب الشعب (محافظ)، الذي حل ثانياً بنسبة 26 في المائة من الأصوات، تشكيل الحكومة، مع أن في هذا مخالفة للأعراف. وبرّر الرئيس قراره يومذاك بأن كل الأحزاب الأخرى ترفض التحالف مع حزب الحرية من دون تحييد كيكل. وبالفعل، اشترط حزب الشعب تنازل كيكل عن قيادة الحكومة شرطاً للتفاوض معه، وهو ما رفضه الأخير. بيد أن زعيم حزب الشعب كارل نيهامر أخفق بتشكيل حكومة ثلاثية الأطراف مع حزبين آخرين، فاستقال من زعامة حزبه، وبالتالي، عادت الكرة إلى ملعب كيكل.