لا يخفى على أحد الدور الأمريكي المبطن في معظم القضايا الدولية، خاصة قضية فلسطين والتصريحات العلنية والتي تناقض الممارسات الإسرائيلية على أرض الواقع، فحرب غزة عرت وبشكل واضح تلك اللغة التي تصرح بها الإدارة الأمريكية أمام الإعلام الدولي شيء وخلف الأبواب شيء آخر، يكتنفها الغموض في معالجة الحرب التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة وأهله، ففي كل جولة لوزير الخارجية الأمريكي بلينكن، تثار مسألة الصفقة بين حكومة الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، وما يشاهده المراقب للأحداث الحاصلة في قطاع غزة، يناقض الصورة التي تحاول الدبلوماسية الأمريكية إرسالها للعقل العربي وبالأخص حكومات وشعوب منطقة الشرق الأوسط.
جنوح الولايات المتحدة الأمريكية في كثير من الأحيان لتبني السردية الإسرائيلية فيما يخص بنود صفقة تبادل الأسرى، والدفع بعجلة التفاوض يشي بأنها توافق وبشكل كامل على وجهة النظر التي ينتهجها نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزرائه المتطرفون، وهي بذلك تفقد مكانتها كوسيط نزيه في المفاوضات الجارية بين الحكومة الإسرائيلية وفصائل المقاومة الفلسطينية، فممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي وتوحشها في حربها ضد غزة ولبنان، ما كان ليتم لولا ضوء أخضر صدر لها من الجانب الأمريكي، والتدمير والقتل الحاصل من القطاع ضرورة أمريكية، قبل أن يكون ضرورة إسرائيلية، للضغط على الحاضنة الشعبية للمقاومة، ودفعها إلى التسليم لشروط نتنياهو على صفقة تبادل الأسرى.
والمساعدات العسكرية الغربية والدبلوماسية الأمريكية النشطة، لا حدود لها فقد قدر الخبراء والمطلعون أن 70٪ من الأسلحة والعتاد الذي يستخدمه الجيش الإسرائيلي أمريكية بامتياز، لا يدع مجالاً للشك بأن الولايات المتحدة هي من تشن الحرب على غزة، و"إسرائيل" ما هي إلا القوة الضاربة لها في هذه الحرب المسعورة منذ أكثر من ٤٠٠ يوم بلا انقطاع، وسقوط العديد من الشهداء والجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، حتى تجاوز أعداد الشهداء عتبة 51 ألفاً والجرحى يفوق 90 ألفاً.