في ترقب لأي خبر يحمل بشرى إعلان دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في قطاع غزة، مشاعر تتبدل وعيون تأخذ جولة على عامٍ ويزيد من القتل والدمار والنزوح والتجويع، لم يتذوقوا الغزيون خلاله أي طعم للراحة.
حالة من الخوف والقلق تُساور قلوبٍ أنهكها البعد عن ديارهم، التي تركوها مرغمين، يحذوهم الأمل واليقين بأن الفرج سيكون كبيرًا بكبر حجم الألم الذي تعرضوا له، نتيجة حرب الإبادة الجماعية.
عامٌ وأربعة أشهر ألقت بثقلها على كاهل الغزيين، فكانت بمثابة عقدٍ من الزمن، حط رحاله على صفحات طوت بين جنباتها لسعات برد قارس وخوف طفل، وجرح استوطن قلب أناس ذاقوا صنوف الموت، لكنهم يرفضون الاستسلام يحاولون لملمة شتات أرواحهم ببارقة أمل تحمل في عنوانها "اتفاق وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ في قطاع غزة".
كلمات تحمل في طياتها انتهاء كابوس عايشوه وأطفالهم طيلة الحرب، التي لم يروا خلالها سوى القتل والجوع والدمار ورائحة الموت تحوم حولهم، تخطف منهم أحلام بقيت عالقة في حضن المستقبل.
بارقةأمل
النازحة في مواصي خان يونس آية المشهرواي تقول لوكالة" صفا": "ننتظر بفارغ الصبر إعلان الهدنة الذي يحمل في طياته انتهاء هذه الحرب والعودة إلى منزلنا في حي الشجاعية".
وتضيف المشهراوي "ترقب إعلان الهدنة من الدوحة أشبه بترقب نتيجة الثانوية العامة، لكن رغم جميع الأخبار المبشرة، إلا أن الخوف قائم من أي شرط جديد قد يضعه نتنياهو يقلب الأمور رأسًا على عقب".
وتتابع "مشاعرنا مختلطة بين الفرحة والخوف والقلق، فرحة بانتهاء كابوس مستمر منذ عام ونصف، وخوف من قادم لا نعلم ما يحمل لنا، لكن لن يكون الخوف أكبر من شعور الفرحة بقرب الفرج ونهاية المأساة".
وتردف "أعلم جيدًا أن منزلنا في الشجاعية مدمر، وراح نرجع على ركام ويمكن رمل أحمر، لكن يبقى هذا مكاننا وديارنا، وسنعيش ولو داخل خيمة".
وتنتظر المشهرواي دخول الهدنة حيز التنفيذ، لتبدأ بحزم أمتعتها، قائلة: "مجرد أن يتم الإعلان عن موعد الهدنة سأبدأ بجمع أشيائي المهمة فقط، وسأعود إلى غزة ركض 2دون النظر خلفي".
حنينوحزن
أما النازحية من شمالي القطاع نورا ديب، فتصف شعورها مع تسابق الأحداث ووصولها للذروة، قائلة: "خايفة كتير أكون بحلم وما يكتمل، خايفة تضل العودة للشمال أمنية صعب تتحقق".
وتضيف لوكالة "صفا" أن "تطور الأحداث في الدوحة والحديث عن قرب إعلان وقف إطلاق النار يعطي شعور بالفرح أن الفرج قاب قوسين وربما هو أقرب، مشاعر مختلطة لا يمكن وصفها جمعت بين الحنين للديار والحزن على من تركونا وذهبوا دون رجعة".
وتتابع "صحيح فرحتنا كبيرة، لأن الحرب قربت تنتهي، لكن في داخلنا غصة كبيرة، لعدم وجود أشخاص كانوا ينتظرون هذه اللحظات فاختطفهم الموت وأصبحوا في عداد الشهداء".
و"أول ما ستفعله حال وصولها إلى بيت لاهيا، كما توضح ديب، هي تقبيل ترابها وناسها الذين صمدوا فيها حتى آخر رمق، من كان لهم الفضل في عودتنا من رحلة نزوح كانت درسًا قاسيًا حمل في طياته الوجع والألم والفقد".
وتؤكد أنها لن تترك الشمال مهما حدث، وستبقى فيه حتى رمقها الأخير، مضيفة "درس وأخذنا العبرة منه".
انتهاءالكابوس
ولا يختلف الحال كثيرًا عند النازحة علا سكر، والتي تنظر إلى هاتفها بتمعن شديد تخشى أن يفوتها الإعلان عن انتهاء الحرب، وأن لا تكون أولى المبشرين لأهلها بهذا الخبر السار.
تقول سكر في حديثها لوكالة "صفا":"فرحة الهدنة كبيرة، لكنها ناقصة الناس الذين استشهدوا وكانوا يتنظرون أن يعيشوا معنا هذه اللحظات والدقائق".
وتضيف "بعد ما نرجع على غزة ما بدنا منهم شي بس يتركونا نعيش حياتنا مثل ما كانت قبل الحرب، يتركونا بحالنا واحنا بأيدينا بنبي بيوتنا المدمرة وبنعمرها وبنرجعها مثل أول وأحسن".
وتتابع "فش فرحة كاملة، حسبنا الله ونعم الوكيل عليهم، اليهود ما خلوا لنا فرحة كبيرة إلا ونزعوها ودمروها، لكن رغم الوجع والألم سنفرح بالعودة إلى غزة وانتهاء شلال الدم".
والثلاثاء، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إنها أجرت سلسلة من الاتصالات والمشاورات مع قادة الفصائل الفلسطينية، ووضعتهم في صورة التقدم الحاصل في المفاوضات الجارية في الدوحة.
وأكدت أن قادة القوى والفصائل عبروا خلال هذه الاتصالات عن ارتياحهم لمجريات المفاوضات، مؤكدين ضرورة الاستعداد الوطني العام للمرحلة القادمة ومتطلباتها.
بدوره، قال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إننا وصلنا للمراحل النهائية بشأن الاتفاق في غزة، وأن المحادثات الجارية في الدوحة مثمرة وإيجابية وتركز على التفاصيل الأخيرة.
وأضاف "لا نخوض في تفاصيل ما يجري في المفاوضات وسلمنا مسودات الاتفاق للطرفين"، متابعًا "تجاوزنا العقبات الرئيسية في الخلافات بين الطرفين بشأن الاتفاق".
صفا