بكل فخر واعتزاز يستقبل الأردنيون قائدهم جلالة الملك عبد الله الثاني العائد إلى أرض الوطن بعد لقاء دبلوماسي مهم مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. لقاء جاء في إطار الجهود الدؤوبة التي يبذلها جلالته لحماية مصالح الأردن وتعزيز مكانته الإقليمية والدولية مؤكدًا مجددًا على ثوابت المملكة الراسخة تجاه القضايا المصيرية للأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

لطالما كان جلالة الملك عبد الله رجل دولة بامتياز يتعامل مع التحديات الإقليمية والدولية بحكمة وحنكة، واضعًا مصلحة الأردن فوق كل اعتبار. ومنذ تسلّمه الراية لم يدّخر جهدًا في الدفاع عن حقوق شعبه حاملاً همّ القضايا العربية الكبرى إلى كل محفل دولي وفي مقدمتها قضية فلسطين. هذه القضية التي لم تكن يومًا ملفًا سياسيًا عابرًا في أجندة الدولة الأردنية بل التزامًا تاريخيًا وإنسانيًا، ينهل من إرث الهاشميين الذين كانوا على الدوام في طليعة المدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني.

في لقائه الأخير، كما في كل لقاء، حمل جلالة الملك رسالة واضحة تستند إلى المبادئ الأردنية الثابتة: لا للوطن البديل لا للتهجير لا لأي حلّ ينتقص من حقوق الفلسطينيين ولا لأي مخطط يجعل من الأردن طرفًا في تصفية القضية الفلسطينية. لقد كان موقفه الذي حمله إلى لقائه مع القيادة الأميركية حازمًا لا يقبل التأويل: الأردن لن يكون بوابة عبور لخطط التهجير ولن يسمح بأن يدفع الفلسطينيون ثمن الصراعات السياسية على حساب وطنهم وهويتهم. فاستقرار الأردن واستمرار دوره المحوري مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بإنهاء معاناة الفلسطينيين على أرضهم لا بترحيلهم عنها.

إن قرار الأردن في رفض أي محاولات لفرض حلول تتجاوز حقوق الفلسطينيين المشروعة أو تمسّ سيادة المملكة، لم يكن وليد اللحظة بل هو امتداد لنهج ثابت تبنّته القيادة الأردنية على مدى العقود الماضية. نهجٌ يقوم على دعم صمود الفلسطينيين في أرضهم وتعزيز موقفهم السياسي في المحافل الدولية ورفض أي ضغوط أو حلول تُفرض عليهم واقعًا غير مقبول. ولذلك فإن الالتفاف الشعبي حول موقف الملك لم يكن مجرد تعبير عن الولاء التقليدي بل هو شراكة حقيقية في الدفاع عن القضايا الوطنية والقومية وإيمان راسخ بأن مصير الأردن وفلسطين متداخل وأن أي تهديد لحقوق الفلسطينيين هو تهديد مباشر للأردن واستقراره.

وغدًا، حين تخرج الجماهير الأردنية لاستقبال قائدها فإنها لن تحتفي فقط بعودته بل ستبعث برسالة واضحة للعالم: الأردن قيادةً وشعبًا يقف على جبهة واحدة في مواجهة التحديات. ليست هذه الحشود مجرّد تعبير عن الحب والولاء، بل هي تأكيد على موقف وطني ثابت بأن هذا البلد لا يساوم على الحق ولا يقبل الإملاءات ولا يسمح بأن تكون أرضه جزءًا من مخططات لا تخدم إلا الاحتلال.

هكذا، ستُكتب في شوارع الأردن فاليوم لحظة تاريخية جديدة، يُجدّد فيها الأردنيون عهدهم مع قيادتهم حاملين راية الصمود والثبات في وجه كل التحديات. فكما كان الأردن على الدوام سيبقى قلعة حصينة في الدفاع عن القضايا العادلةورمزًا للموقف العربي الأصيل الذي لا يتبدّل مهما تبدّلت الموازين.


.