حب الجمال فطرة بشرية لا ترتبط بزمان ولا مكان دون آخر، وهي ذات أبعاد مختلفة متعلقة ببعض الحواس خاصة البصر ثم السمع والشم. وقد حوى القران الكريم الكثير من الأيات المتعلقة ببعض عناصر الجمال في الكون والمخلوقات والسلوكيات ايضا.
يقول تعالى ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ )، فالآية دلالتها واضحة بالأخذ بالزينة - وهي احد أوجه الجمال - في الاماكن التي يجتمع فيها الناس وفي مناسباتهم المختلفة، ومن ارفعها الاجتماع لعبادة الله، ويقاس عليها ما يشابهها. لذا كان النهي واضحا عمن اكل بعض الطعام ان يذهب لصلاة الجماعة، جاء في الحديث الشريف (مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزلْنَا أَوْ: فَلْيَعْتَزلْ مَسْجدَنَا).
الإشارات التي وردت في القران الكريم كثيرة ولها دلالات واضحة للاهتمام بخاصية الجمال ومنها؛ ( يا بَنِي آدم قد أنزلنا عليكم لِبَاسَاً يُوارِي سُوءاتِكُم ورِيشَاً ولباسُ التَقوَى ذَلك خيرٌ) فاللباس والستر جمال، وعن الأنعام وما فيها من جمال ومتاع قال تعالى ( ولكُم فيها جَمال حين تريحون وحين تسرحون). وغاية جمال المخلوقات كانت في خلق الإنسان ( ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين).
وقد وصف نفسه سبحانه باحد اسمائه ( بديعُ السَّمواتِ والأرضِ}، ووصف بعض الزرع ( والأرضَ مددناها وألقينا فيها رَواسِى وأنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوجٍ بَهِيج* تَبصرةً وذِكرَى لِكلِّ عَبدٍ مُنيب). وقال عن السماء ( إنّا زينّا السماء الدنيا بزينة الكواكب)
واظهار الجمال يتوقف دون الحرمة او الإسراف او التكبر والتعالي، قال تعالى ( وكُلُوا واشرَبُوا ولا تُسرفُوا إنّه لا يُحبُّ المُسرفين. قُل مَن حرّم زينةَ اللهِ التي أخرجَ لعبادِهِ والطَيِّبَاتِ مِن الرِزق). وياتي بأبسط الأشياء وقد تكون كلمة طيبة، فلا داعي للتكلف في اظهار جمال الانسان او البيت او المكان العام.
تقوم البلديات بدور كبير في اظهار الجمال والحفاظ عليه، فمن جمع النفايات المنزلية وكناسة الشوارع، وتنظيف الساحات من الأنقاض والأعشاب الجافة، وزراعة الشوارع والحدائق وتزيين الدواوير والساحات العامة وغيرها كثير، بالإضافة للرقابة على كل الملوثات السمعية والبصرية وذات الرائحة. ولا يمكن ضمان الديمومة لهذه الجهود الا بتعاون الجميع صغيرا وكبيرا في السلوك المتحضر والرقابة المجتمعية على الآخرين وإرشادهم ونهيهم عن الأفعال التي تذهب بالجمال او تشوهه.
في ظلال هذا الشهر الكريم؛ فان احد تجليات الصيام وتحقيق التقوى المراده منه ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) فما أحوجنا ان نحافظ على جمالنا وجمال شوارعنا وساحاتنا وبلدنا.
وتقبل الله صيامكم وعبادتكم في المحافظة على الجمال.
.