تونس - 19 - 1 (كونا) -- قال الأمين العام لمنظمة الطاقة العربية جمال اللوغاني اليوم الأحد إن الدول المنتجة والمصدرة للنفط والغاز تواجه عددا من التحديات المستقبلية أهمها نقص الاستثمارات في قطاع النفط.
وأضاف اللوغاني في كلمة ألقاها ضمن فعاليات الدورة الثالثة لقمة ليبيا للطاقة والاقتصاد المنعقدة في طرابلس إن نقص الاستثمارات في قطاع النفط يؤدي إلى إبطاء نمو الاحتياطيات العالمية ومن ثم قد يؤثر على توفر الإمدادات الكافية لتلبية الطلب المتزايد في الوقت المناسب.
واعتبر أن مواجهة هذا التحدي تتطلب ضرورة تعزيز الاستثمارات في صناعة النفط إذ إن حل معضلة الطاقة الثلاثية المتمثلة في أمن الطاقة واستدامتها والقدرة على تحمل تكاليفها يحتاج إلى ضخ الاستثمارات في جميع مصادر الطاقة المختلفة.
وذكر أن التحدي الثاني يتمثل في الدعوة لتسريع تحولات الطاقة في ضوء الاهتمام العالمي المتزايد لقضايا تغير المناخ تزامنا مع الإصرار على ربط بيئة خالية من الكربون بالتخلي عن النفط والغاز والانتقال إلى الطاقة المتجددة والمستدامة.
وأوضح في هذا الصدد أنه ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار ويراعى الزخم المتزايد في الاستثمار والابتكار والتطوير المستمر في التقنيات النظيفة مثل تقنية احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه والاهتمام المتزايد برفع كفاءة استخدام الطاقة وتعزيز استخدام تقنيات التحول الرقمي المرتبطة بتحسين العمليات الاستخراجية للنفط والغاز.
وأشار إلى تحد ثالث تواجهه الدول المنتجة والمصدرة للنفط والغاز ظهر خلال الفترة الأخيرة وهو "توجيه العناية الواجبة بالاستدامة المؤسسية" أو ما يعرف بـ(CSDDD).
وأكد أنه من المتوقع أن تكون لهذا التحدي الجديد "اَثار سلبية كبيرة" ليس على قطاع الطاقة فحسب ولكن على القطاعات الاقتصادية الأخرى كافة لافتا إلى إعلان الاتحاد الأوروبي عن التوجه لفرض غرامة تبلغ 5 في المئة من قيمة المبيعات العالمية على الشركات التي تعمل في أوروبا (سواء كانت شركة أوروبية أو من خارج أوروبا) وتجني أرباحا في أوروبا تزيد قيمتها عن 450 مليون يورو (15ر462 مليون دولار) في حال عدم الالتزام بثلاثة أمور رئيسة ضمن هذا الإطار.
وأوضح اللوغاني أن الشركات النفطية أصبحت مطالبة بالالتزام باتفاقية باريس بشأن تحقيق صافي انبعاثات صفرية وتحمل المسؤولية عن انبعاثات المستويات الأولى والثانية والثالثة إضافة إلى احترام حقوق العاملين في الشركة الرئيسة وفروعها كافة أو أي شركة أخرى يتم التعامل معها بما في ذلك الشركات خارج الاتحاد الأوروبي.
وشدد الأمين العام للمنظمة العربية على أهمية الدور المنوط بوزراء البترول والطاقة بشأن إبلاغ المعنيين في حكومات بلادهم عن هذا الموضوع بجوانبه كافة ليتم إثارته في كل اجتماع مع دول أوروبا والإشارة إلى أنه سيضر بالأعمال الخاصة بدول المنظمة (أوابك سابقا) ويجب أيضا التفاهم مع الدول والشركات الأخرى حتى يكون هناك توجه وصوت واحد.
وفيما يخص قطاع الطاقة في ليبيا قال اللوغاني إن ليبيا تعد من ضمن الدول الثلاث المؤسسة لمنظمة (أوابك) وتؤدي دورا "فعالا" في جميع أنشطة المنظمة وتمتلك حصصا معتبرة في الشركات الأربع المنبثقة عنها.
وأضاف أن دول (أوابك) تمتلك 4ر717 مليار برميل من الاحتياطيات المؤكدة من النفط الخام أي ما يشكل نحو 54 في المئة من الإجمالي العالمي في حين تمتلك ليبيا حصة تقدر بنحو 7ر6 في المئة من إجمالي احتياطيات المنظمة.
وأشار إلى أن دول (أوابك) تستحوذ كذلك على نحو 9ر22 مليون برميل يوميا من الإنتاج العالمي من النفط الخام أي ما يشكل 26 بالمئة من الإجمالي العالمي فيما تشكل حصة ليبيا نحو 2ر5 بالمئة من إجمالي حصة المنظمة.
واعتبر الأمين العام أن أهم مميزات قطاع النفط في ليبيا هي جودة الخامات النفطية المنتجة كونها خفيفة ومنخفضة المحتوى الكبريتي وهذا ما يلائم العديد من مصافي التكرير وخاصة في السوق الأوروبية.
وذكر أن ذلك يأتي إلى جانب تمتع ليبيا بميزة نسبية من ناحية موقعها الجغرافي القريب من أسواق الاستهلاك الرئيسة التي يتوقع أن تشهد تزايدا في الطلب على الطاقة في المستقبل "وهو ما سيتيح الفرصة لتطوير قطاع الطاقة الليبي من أجل توفير الإمدادات البترولية اللازمة لتلك الأسواق".
وأكد أن قطاع الطاقة في ليبيا "يتمتع بآفاق مستقبلية واعدة بدعم من التوجه للاستفادة من الثروة الهيدروكربونية الهائلة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال جذب الشراكات الدولية وضخ رأس المال وتحسين الكفاءة وزيادة معدلات الإنتاج في إطار استراتيجية تحديث البنية التحتية للطاقة ما سيساعد الدولة على استعادة مكانتها باعتبارها لاعبا رئيسا في قطاع الطاقة العالمي".
وقال اللوغاني إنه "لا شك أن الخطة الاستراتيجية الطموحة التي تستهدف الوصول بالإنتاج الى مليوني برميل يوميا من النفط وأربعة مليارات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي تعكس التوجه نحو إعادة النظر في السبل المتبعة سابقا في تعزيز الإنتاج والوصول به الى المستويات المستهدفة".
وبين في ذات السياق أن ليبيا تسعى إلى استغلال مصادر الطاقة المتجددة "الهائلة" المتوفرة لديها بما يتضمن الطاقة الشمسية وطاقات الرياح للحصول على طاقة نظيفة وهو ما يعد خيارا استراتيجيا من أجل إحداث تنمية مستدامة".
وتطرق إلى أن الاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة (2023 - 2035) التي أطلقتها ليبيا في نهاية 2023 تمثل خطوة مهمة نحو مستقبل أكثر استدامة تساهم في تنويع مصادر الدخل وتعظيمها ودعم الإيرادات العامة بعوائد إضافية عن طريق تصدير الكهرباء المولدة من الطاقات المتجددة في مرحلة لاحقة للأسواق المجاورة إلى جانب خلق فرص عمل وترشيد استهلاك الطاقة في كل القطاعات.
وقال اللوغاني في ختام كلمته "نعتقد جازمين بأن الآفاق المستقبلية لتطوير قطاع الطاقة في ليبيا واعدة والإمكانات متاحة والأمر يتطلب تكاثف الجهود للقيام ببعض الإصلاحات من خلال التركيز على الشأن الاقتصادي بشكل أكبر".
واعتبر أن ذلك سيخلق بيئة استثمارية جاذبة للشركات البترولية الكبرى المتعطشة لتطوير هذا القطاع المهم "وهذا ما لمسناه اليوم من تواجد لهذه الشركات الكبرى فضلا عن التعامل مع التحديات التي تواجه صناعة الطاقة العالمية بشكل عام بكل حكمة وروية".
من جانبه اعتبر القائم بأعمال السفارة الأمريكية لدى ليبيا جيريمي برنت في بيان نقلته وكالة الأنباء الليبية أن "الحضور القوي" للشركات الأمريكية في أعمال الدورة الثالثة لقمة ليبيا للطاقة والاقتصاد يعكس "الدور المهم" لقطاع الطاقة الليبي في السوق العالمية والإمكانات "الكبيرة" للنمو التي يوفرها للاقتصاد الليبي.
وأوضح برنت أن الجناح الأمريكي في القمة سجل مشاركة شركات أمريكية رائدة في مجال النفط والطاقة بما يعكس أهمية هذا الحدث وأهمية ليبيا في السوق العالمية بصفتها دولة منتجة للنفط.
يذكر أن فعاليات القمة انطلقت في طرابلس أمس السبت بهدف تأمين الاستثمارات وتعزيز نمو قطاع الطاقة والبنية التحتية في ليبيا.
وتشهد القمة حضور عدد من المسؤولين بمنظمات معنية بالصناعة النفطية إلى جانب مستثمرين وصناع قرار وممثلين عن شركات نفطية عربية وعالمية ومن بينهم إلى جانب اللوغاني كل من الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) هيثم الغيص والأمين العام لمنظمة الدول الإفريقية المنتجة للنفط عمر فاروق والأمين العام لمنتدى الدول المصدرة للغاز محمد حامل. (النهاية)
ش ب م / م ع ع