القاهرة - 2 - 2 (كونا) -- دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط اليوم الأحد العلماء العرب إلى وضع وثيقة لتنظيم الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع القيم العربية والمصالح العربية وبما يضمن احترام التراث الثقافي وإثراءه.
جاء ذلك في كلمة لأبو الغيط خلال الجلسة الافتتاحية لدائرة الحوار العربية حول (الذكاء الاصطناعي في العالم العربي: تطبيقات مبتكرة وتحديات أخلاقية) المنعقدة بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة.
وقال إن "عددا كبيرا من الدول العربية تسعى وبقوة لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي ومواكبة تطورات ومتطلبات العصر الحديث في هذا المجال المهم واستغلال الطاقات والفرص الكامنة لديها".
وأشار إلى التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي خاصة على صعيد ما يعرف ب(النماذج اللغوية الكبيرة) و(الذكاء التوليدي) قائلا "لقد صار المشهد أقرب إلى سباق التسلح بين القوى الكبرى في ابتداع منظومات وتطبيقات جديدة لهذه التكنولوجيا الخطرة بكفاءة وإمكانيات أكبر وتكلفة أقل".
وأوضح أن "هذه المنافسة الضاربة سوف تزداد حدتها في المرحلة القادمة فلا أحد يمكنه تحمل تكلفة التخلف في هذا المضمار مشيرا إلى أن ثمة تخوفات واضحة لدى الكثير من الأوساط من تأثير هذه المنافسة على القواعد والقيم الإنسانية والاعتبارات الأخلاقية وما يمكن أن تفضي إليه من نتائج كارثية على البشرية.
وأكد أبو الغيط أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تكنولوجية بل هو ثورة في طريقة التفكير والعمل وهي منصة لإنتاج التكنولوجيا والأفكار الجديدة في كل المجالات داعيا إلى استخدامها بحكمة ومسؤولية في جميع المناحي.
وبدوره قال رئيس البرلمان العربي محمد أحمد اليماحي في كلمة مماثلة إن "الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المختلفة باتا خيارا حتميا لدول العالم كافة وبقدر ما يوفر فرصا عديدة للابتكار والتنمية وتحسين الكفاءة الإنتاجية وتوفير الجهد والوقت فإنه يثير في الوقت ذاته تحديات أخلاقية وتساؤلات جوهرية حول كيفية حماية قيمنا وثقافتنا العربية والحيلولة دون انتهاك خصوصيات الأفراد أو تعريض أمن مجتمعاتنا للخطر".
وأضاف "إننا مطالبون اليوم ليس فقط بأخذ زمام المبادرة في استيعاب هذه التكنولوجيا بل في تطويرها وتوظيفها بما يتماشى مع هويتنا وقيمنا ومبادئ أمتنا العربية".
وشدد اليماحي على ضرورة توطين صناعة الذكاء الاصطناعي في الدول العربية ووضع الخطط وتوفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لذلك من أجل مواكبة السباق العالمي المحموم في هذا المجال وبما يضمن التوظيف الآمن لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على نحو يتناسب ومنظومة الأخلاق والثقافة في المجتمعات العربية.
ومن جهته أكد رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري الدكتور إسماعيل عبد الغفار في كلمته أهمية تعزيز التعاون العربي والدولي في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال إنشاء شبكات بحثية ومراكز متخصصة لدعم تبادل الخبرات والتجارب ووضع إطار أخلاقي وتشريعي يضمن الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي بما يحمي القيم الثقافية والخصوصية ويحد من المخاطر المرتبطة بهذه التقنية.
وقال عبد الغفار إن "الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية بل هو مشروع إنساني عالمي يتطلب تكامل الجهود وتعاون العقول المتميزة من مختلف أنحاء العالم".
ودعا جميع الحكومات والمؤسسات الأكاديمية والشركات الناشئة والمستثمرين إلى العمل معا من أجل إطلاق رؤية عربية موحدة للذكاء الاصطناعي تضمن لنا دورا رياديا في هذا المجال عالميا.
ومن جانبه دعا وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري الدكتور عمرو طلعت في كلمته الدول العربية إلى التصدي للتحديات الجديدة التي أدخلتها التطورات التكنولوجية على الحكومات عالميا برؤية موحدة تضمن حضورا دوليا فاعلا يعبر عن إرادة شعوبنا ويعرب عن تطلعات حكوماتنا.
وقال طلعت إنه "خلال العامين الماضيين شهدنا حراكا وتحولا غير مسبوق في دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على الساحة الدولية الذي بات يعيد تشكيل الاقتصادات ويحدث ثورة في الصناعات ويغير المجتمعات بصورة مطردة".
وأضاف أن "التكنولوجيات البازغة مثل الذكاء الاصطناعي وسلاسل الكتل والحوسبة الكمومية - حوسبة الكم - وإنترنت الأشياء أضحت القوى الدافعة لعالمنا اليوم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا تتداخل مع قطاعات الزراعة والصحة والتعليم والقطاع المصرفي وغيرها".
ومن جهته قال رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الدكتور ‏عبد المجيد البنيان في كلمته "إن جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية تقوم بتنفيذ قرارات مجلس وزراء الداخلية العرب التي تؤكد على أهمية ملف الذكاء الاصطناعي ولذلك وضعت الذكاء الاصطناعي على رأس أولوياتها الإستراتيجية".
وأضاف أنه "تم إنشاء مركز متخصص للذكاء الاصطناعي تستقطب فيه الجامعة عددا من الخبراء من حول العالم وتقدم برامج متخصصة لإعداد الكوادر العربية في مجال الذكاء الاصطناعي".
ولفت البنيان في الوقت نفسه إلى أهمية معالجة مخاطر الذكاء الاصطناعي قائلا إن "الجرائم الإلكترونية قد استفادت من تقنيات الذكاء الاصطناعي كما أن هناك مشكلة استهلاك المياه والكهرباء بشكل كبير من قبل شركات الذكاء الاصطناعي".
وأضاف أن مثل هذه التحديات الكبيرة تتطلب اهتمام الجميع للتعامل معها ووضع التشريعات اللازمة للتعامل مع الأخطاء ومنع وقوعها والمساعدة في التنبؤ.
ويمثل دولة الكويت أمام دائرة الحوار العربية عضو وفد المندوبية الدائمة لدولة الكويت لدى جامعة الدول العربية بدر المهيلب.
ويأتي تنظيم هذه الدائرة التي تستمر أعمالها يومين في إطار تنفيذ قرار الدورة العادية الأخيرة ال56 للجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك برئاسة الأمين العام للجامعة العربية في أبريل الماضي بهذا الشأن.
ويشارك في الحدث الذي تنظمه كل من الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالتعاون مع الأمانة العامة للجامعة ممثلو الدول العربية وخبراء عرب وأجانب من جهات عديدة وشخصيات دبلوماسية وأكاديمية ومتخصصة.(النهاية) م ف م / م خ