نهاية الأسبوع الماضي تبادل بعض أهالي رب ثلاثين أطراف الحديث خلال لقائهم في بلدتهم لنقل بعض حاجياتهم من منازلهم التي لا تزال صامدة، بعد تلقيهم خبراً يبلغهم بتنسيق زيارة لهم للبلدة، فكان محور الحديث، بحسب علي، أحد أبناء البلدة، مشاعر سلبية يتلمسها الأهالي، بخصوص صعوبة عودتهم إلى بلدتهم قريباً، خصوصاً بعد عمليات نقل البضائع من القرى الحدودية، التي كانت ميس الجبل أبرزها في الفترة السابقة.
ما يشعر به أهالي رب ثلاثين يسري على غالبية الجنوبيين النازحين عن قراهم منذ 11 شهراً ونيّف. فغياب أفق انتهاء الحرب، والتهديد بالتصعيد، يجعلهم يشعرون أن عودتهم لن تكون قريبة. يشعر الجنوبيون باحتمال استمرار الحرب لأشهر إضافية، وهي غير مرتبطة بموعد الانتخابات الأميركية الرئاسية في تشرين الثاني المقبل، فهل يُعتبر تسهيل نقل الحاجيات والبضائع مؤشراً على طول الحرب، وماذا عن تسهيل قطاف موسم الزيتون أيضاً؟نقل الحاجياتكان أحمد، وهو مواطن جنوبي نزح منذ تشرين الأول الماضي إلى منطقة النبطية، يشعر بضيق بصدره خشية تعرض معدات "قص الحجر" التي يمتلكها إلى التدمير خلال الحرب. فالرجل دفع حوالي نصف مليون دولار ثمناً لهذه المعدات الضخمة والمتطورة وعلى رأسها مقص الحجر والرافعة الضخمة المخصصة لحمل الأحجار ونقلها، ولكن منذ أيام وبعد عدة محاولات سُمح له ولغيره من أبناء بلدته أن يُخرجوا بعض البضائع، فأخرج الرافعة بالوقت المتاح له وينتظر اليوم إخراج المقص، وهو بالطبع، بحسب حديثه لـ"المدن" يعلم أن العودة لن تكون قريبة، ويعتبر أن السماح للسكان بإخراج حاجياتهم من القرى يعني أن لا حل قريب للحرب قبل انتهاء فصل الصيف.
يشعر نازحو الجنوب أن تسهيل عمليات نقل الحاجيات يعني إما أن الحرب مستمرة لأشهر إضافية وإما هناك قرار باشتداد التصعيد. لكن، بحسب مصادر متابعة لهذا الملف، فإن هذه المسألة غير مرتبطة بالواقع اليوم، إنما هي نتيجة محاولات عديدة بدأت منذ أشهر، وتنجح تدريجياً، بالتواصل بين الجيش اللبناني والقوات الدولية العاملة في الجنوب التي تتولى التواصل مع الجانب الإسرائيلي. وتشير عبر "المدن" إلى أن الموافقة الإسرائيلية على هذا الملف لا تكون مجانية، فما يحصل في الجنوب يحصل ما يشبهه في مستوطنات شمال فلسطين المحتلة، حيث يتم التنسيق بشكل معاكس، من خلال اليونيفيل والجيش اللبناني أيضاً.
لا ترتبط المسألة بحسب المصادر بمدة الحرب، إنما بالقدرة على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، كما أنها لا ترتبط بالعودة إلى القرى، خصوصاً أن هذه العودة تتطلب جهداً كبيراً بعد توقف الحرب، لعودة الحياة الاقتصادية وهذا ما يجزم به كثير من النازحين الذين يؤكدون عودتهم بعد الحرب، إنما بحسب ظروف إعادة الإعمار وعودة الحياة إلى القرى الحدودية.ماذا عن موسم الزيتون؟خلال زيارات النازحين إلى قراهم، سواء في مناسبات التشييع أو خلال رحلات جلب الحاجيات، مرّ بعضهم على بساتين الزيتون، وعلي أحد هؤلاء. يقول لـ"المدن" إلى أن أرضه لا تزال صامدة ولم تُحرق كما حُرقت أرض أقاربه التي تزيد عن 12 دونماً من الزيتون، والموسم هذا العام يبدو واعداً، لكن عندما سألنا ما إذا كان بالإمكان قطف الزيتون هذا العام لم نحصل على جواب".
ويُضيف: "نأمل أن يتم التوصل إلى اتفاق ما يشبه ما يجري حالياً في بعض القرى، للسماح للأهالي بقطف مواسم الزيتون، إن لم يكن ممكناً في كل القرى، فليكن في القرى التي تقع خلف تلك الأمامية على الحدود مباشرة".
وبحسب المصادر فقد تم بحث مسألة قطف موسم الزيتون في وقت سابق في لبنان، ولكن مع تصاعد حدّة الأزمة وارتفاع منسوب التهديدات الإسرائيلية الأسبوع الماضي توقف البحث، وأصبح الوضع أصعب بعد العملية الامنية الضخمة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي الثلاثاء والأربعاء الماضيين. وتُشير المصادر عبر "المدن" إلى أن التصعيد سيجمّد كل المبادرات سواء كانت متعلقة بنقل بضائع أو حاجيات من المنازل، وحتماً قطاف الزيتون، أما بحال عادت الأمور إلى ما كانت عليه في الأسابيع الماضية سيُصار إلى فتح الموضوع من جديد، مع العلم أن موسم الزيتون ينطلق مع نهاية شهر تشرين الأول، حتى منتصف كانون الأول، والمستفيدين منه لن يكونوا من الجانب اللبناني فقط، فما يسري على الجهة اللبنانية يسري على مستوطني الضفة الأخرى.