تتكرر عبارة "حرب لبنان الثالثة" على ألسنة محللين ومسؤولين إسرائيليين يتم التداول بها في وسائل الإعلام الإسرائيلية. تكررت العبارة في ظل اجتماع وزاري، أمني وعسكري دعا إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمناقشة تطورات الوضع مع لبنان ولا سيما بعد استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال عدد من قادة فرقة الرضوان في حزب الله على رأسهم القيادي إبراهيم عقيل. يُذكر أنه ما بين يومي الخميس والجمعة عقد نتنياهو ثلاثة اجتماعات وزارية وعسكرية وأمنية للبحث في مستقبل العملية العسكرية ضد حزب الله ولبنان. على وقع استطلاع إسرائيلي جديد يشير إلى أن 62 بالمئة من الإسرائيليين يطالبون بشنّ حرب واسعة واستباقية ضد حزب الله.
وقال مندوب إسرائيل في كلمة ألقاها خلال جلسة مجلس الأمن، مساء اليوم، أن "حزب الله أطلق العديد من الصواريخ على المدنيين في محاولة لتدمير المنازل وإجبار الشعب على مغادرة الشمال". وتابع: "إذا لم يتراجع الحزب فإسرائيل لن تسمح باستمرار تهجير أهالي الشمال وحزب الله حوّل الجنوب إلى ساحة حرب". وأشار إلى أن "مشكلة إسرائيل ليست مع لبنان إنما المشكلة الحقيقية هي مع حزب الله". من جانبه منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط قال: "لا نتفق مع الحكومة الإسرائيلية بأن الحرب في لبنان ستعيد السكان للشمال ولدينا خلافات مع إسرائيل بشأن التكتيكات وكيفية قياس مخاطر التصعيد، فالوضع الحالي مثير للقلق للغاية وهدفنا التوصل لتسوية دبلوماسية في الشمال."
نزع القفازات
وفيما قال مسؤول إسرائيلي لموقع "أكسيوس" الأميركي، إن "إسرائيل توصلت إلى استنتاج مفاده أنها لن تكون قادرة على التوصل إلى حل دبلوماسي للوضع على الحدود الشمالية من دون المرور بتصعيد عسكري، ولهذا السبب بدأنا ننزع قفازاتنا تدريجياً ونزيد من هجماتنا ضد حزب الله". أشارت صحيفة "بوليتيكو" الاميركية نقلاً عن مسؤولين أميركيين، إلى أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة تمثل بداية حملة عسكرية أوسع لإضعاف قدرات حزب الله. ونقلت بوليتيكو عن مسؤولين أميركيين، أنه من المرجح أن تتضمن الحملة الإسرائيلية على حزب الله المزيد من العمليات. بدورها، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر مطلع، أن المشاورات الأمنية الجارية تبحث إمكانية اتخاذ خطوات إضافية في ساحة الشمال.
الضغط
وقال الصحفي الإسرائيلي في "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، إن الأحداث تضغط على حزب الله وإيران بشكل أكبر وتزيد من حاجتهما للرد بقوة "غير عادية" ضد "إسرائيل"، مما يقربنا من حرب شاملة. ورأى بن يشاي أن "الجيش الإسرائيلي" جاهز لهذه الحرب، لكن الأمريكيين يبذلون كل جهد ممكن لمنعها. وفي هذا السياق، قال مسؤول إسرائيلي رفيع: "الذي يمكنه وقف التصعيد هو نصر الله، إذا أعلن استعداده لقبول الخطة الأمريكية، وإذا لم يفعل، فنحن مستعدون للذهاب حتى النهاية".
وأشار كبار المسؤولين في" إسرائيل" إلى أن الاستراتيجية هي إعادة السكان إلى الشمال، وهو ما أضيف هذا الأسبوع كأحد أهداف الحرب. وأضافوا: "حزب الله سيدفع الثمن لما يفعله"، موضحين أن الهدف هو تغيير ميزان القوى. وتواجه القيادة السياسية في دولة الاحتلال ضغوطاً داخلية على خلفية التأخر في إعادة مستوطني الشمال إلى منازلهم بأمان، ما دعاها قبل أيام إلى وضع هذا الأمر على قائمة أهداف الحرب.
حرب مؤكدة
المحلل السياسي في صحيفة هآرتس الإسرائيلي عاموس هرئيل إنه "شهد هذا الأسبوع بلا شك تصعيدًا دراماتيكيًا، مما يزيد بشكل ملحوظ من خطر الحرب الشاملة. ومع ذلك، من الصعب تحديد عملية حتمية لا مفر منها، تنتهي بحرب مؤكدة". وفي حين أشار إلى أن "حزب الله تكبد ضربة قاسية في قدراته العملياتية، ويشعر عناصره بالإحباط والارتباك"، قال إنه "لا يزال لدى حزب الله والإيرانيين خيارات متعددة تتراوح بين رد منظم يوضح أن المنظمة لن تتخلى عن القتال رغم الجهود الإسرائيلية لفصل غزة عن الشمال؛ أو الذهاب إلى معركة شاملة، أو منح فرصة جديدة للجهود الأميركية للتوسط، مهما كانت فرص نجاحها ضئيلة".
واعتبر أنه "رغم التهديدات الاستفزازية من الجانبين، تدرك كل من تل أبيب وبيروت الثمن الكامل للحرب. لن يكون هناك حسم سهل، بل سيكون هناك سحق متبادل مع خسائر كبيرة، حتى في العمق. من المتوقع أن تتعرض البنى التحتية المدنية والمناطق الحضرية في إسرائيل ولبنان لأضرار جسيمة. سيكون الدمار والقتل على نطاق وقوة لم تشهدهما الدولتان من قبل".