وفي عدوان اليوم الثالث الجمعة 20 ايلول 2024، عندما أغارت طائرة اسرائيلية اميركية الصنع من طراز أف 35 على مبنيين سكنيين في منطقة الجاموس في ضاحية بيروت الجنوبية، وتُعرف ايضا بمنطقة القائم، حيث هناك مسجد ومؤسسات لحزب الله، بهدف اغتيال مسؤول «وحدة الرضوان» في الحزب، والذي خلف الشهيد فؤاد شكر في مركزه القيادي الاول في المقاومة الاسلامية، الذي تردد انه كان في اجتماع مع مجموعة من المجاهدين في وحدة النخبة في الحزب.

قالت مصادر سياسية مطلعة  لـ «اللواء» أن مرحلة التصعيد العسكري  بدأت ومؤشراتها برزت منذ يوم الثلاثاء مع تفجيرات الأجهزة اللاسلكية واستكملت أمس بغارة استهدفت قياديين من حزب الله ولاسيما قائد قوات الرضوان ابراهيم عقيل، ورأت ان هذه المرحلة مقبلة على عدة احتمالات منها ارتفاع منسوب التصعيد وهناك معطيات تتحدث عن ذلك،  اما بالنسبة إلى حزب الله فإنه لن يقف مكتوف الأيدي،ومن هنا فإن الأيام المقبلة قد تكون أكثر سخونة.

ورأت هذه المصادر أن أمام الاصرار على المواجهات المفتوحة،فلا مكان لأي جهود ديبلوماسية وارض الواقع تعكس ذلك،  على أن مسألة الحرب الشاملة ليست دقيقة، لكن التصعيد في العمليات الحربية من طرفي النزاع متوقع بنسبة كبيرة.

وطوال ساعات مضت من الرابعة الا ربعا بعد ظهر امس وحتى ساعة متقدمة من الليل كانت عمليات رفع الانقاض مستمرة، وادت الغارة الهستيرية في محصلة مفتوحة على التبدل الـ14 شهيدا وعشرات الاصابات (66 جريحاً) نقلت الى مستشفيات السان جورج، وبهمن والرسول الاعظم والساحل ومستشفيات أخرى.

ولئن كانت الضاحية الجنوبية المكلومة بهجمات «البايجرز» واللاسلكي التي ادت الى سقوط الشهداء وآلاف الجرحى لم تستفق من هول جرائم الثلثاء والاربعاء، فإن ضربة الجمعة فاقمت اجواء الحزن والقلق، لكن الميدان لم يسكت، وتمكنت المقاومة الاسلامية بعد دقائق من استهداف الضاحية باكثر من 200 صاروخ، سقطت على المواقع العسكرية وتجهيزات جيش الاحتلال، وأدت الى سقوط قتلى وجرحى من جنوده.

إكفهر المشهد العسكري والامني بين لبنان واسرائيل، وقال مصدر اسرائيلي لـ «يديعوت احرنوت»: «نتأهب لرد من حزب الله بعد الغارة على بيروت وكل شيء مطروح على الطاولة».

وعليه، أرجأ رئيس حكومةإسرائيل بنيامين نتنياهو ذهابه الى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الدورة الحالية للامم المتحدة، وكان تلقى اتصالا من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في اطار السعي لعدم، تدحرج الوضع الى حرب واسعة في الشرق الاوسط..

وقال نتنياهو: بدأنا للتو وسنعمل على تغيير الشرق الاوسط، مضيفا: اهدافنا واضحة، وافعالنا تتحدث عن نفسها.

وذكرت القناة 13 الاسرائيلية ان نتنياهو يدعو وزراء وقيادات عسكرية وأمنية لمشاورات أمنية هاتفية عاجلة.

وأشار وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت ان سلسلة الاجراءات ستستمر في المرحلة الجديدة حتى تحقيق الهدف: «العودة الآمنة لسكان الشمال الى منازلهم».

وتلقى غالانت اتصالا من نظيره الأميركي اوستن.

وحسب بعثة اسرائيل بالامم المتحدة فإن البعثة ستبلغ المجلس اغلاق النافذة الدبلوماسية لحل الصراع في لبنان.

في باريس، اجتمع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن، وبحث معه في ضرورة خفض التصعيد في لبنان، والتزام حل دبلوماسي يسمح بعودة السكان الى شمال اسرائيل.

وتحدث الرئيس ماكرون مباشرة إلى اللبنانيين مساء أمس الاول، عبر مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدا لهم أن «المسار الدبلوماسي موجود وأن الحرب ليست حتمية».

وقال ماكرون: لا أحد لديه مصلحة في التصعيد. لا شيء، لا مغامرة إقليمية، ولا مصلحة خاصة، ولا ولاء لأي قضية مهما كانت يستحق إثارة صراع في لبنان. وأكد أن فرنسا تقف إلى جانب اللبنانيين.

وفي مقطع الفيديو، أسف ماكرون لسقوط «ضحايا مدنيين» جراء التفجيرات هذا الأسبوع.

أضاف: «بينما يواصل بلدكم التغلب على التحديات، لا يمكن للبنان أن يعيش في خوف من حرب وشيكة. وأقول لكم بكل وضوح، كما قلت للجميع، علينا أن نرفض هذه الكارثة»، معتبراً أن على الزعماء السياسيين اللبنانيين «أيضا العمل في هذا الاتجاه.

وتابع قائلاً: أكثر من أي وقت مضى، تحتاجون في هذه اللحظة إلى رئيس يتولى قيادة البلاد في مواجهة التهديدات.


 


لودريان في بيروت


وعلمت «اللواء» من مصادر دبلوماسية ان الموفد الرئاسي  الفرنسي جان ايف لودريان سيصل الى بيروت مطلع الاسبوع المقبل بين مساء الاحد او الاثنين او الثلاثاء، بهدف متابعة تطورات الوضع اللبناني عموما ومن ضمنه الجنوبي واحداث الايام الماضية، لكن الهدف الاساسي من الزيارة كان وسيبقى استطلاع تطورات الاستحقاق الرئاسي. كما سيشارك السفارة السعودية في احياء العيد الوطني للمملكة.

واكدت المصادر ان فرنسا لن تستسلم للأمر الواقع وستواصل جهودها من اجل دعم لبنان وانتخاب رئيس للجمهورية ووقف الحرب، وقد عبر عن ذلك الرئيس ماكرون امس في رسالته الخاصة الى اللبنانيين قبيل زيارة موفده لودريان.


 


ميقاتي الى نيويورك


وعلى المستوى السياسي المحلي، وقبل ان يترأس رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء في السراي، حيث افيد انه أبلغ الوزراء أنه في ضوء التطورات الحاصلة سيتوجه الى نيويورك في خلال اليومين المقبلين لعقد سلسلة اجتماعات على أن يلقي وزير الخارجية عبدالله بو حبيب كلمة لبنان في الجمعية العمومية للامم المتحدة.

واستقبل ميقاتي السفيرة الاميركية في لبنان ليزا جونسون.

وكان ميقاتي، قال في مستهل جلسة مجلس الوزراء «إن الزلزال الامني غير المسبوق بمنطق الحروب، الذي تعرض له لبنان هذا الاسبوع، وأوقع آلاف الضحايا بين شهيد وجريح، هو عمل جرمي مشين ومدان، وأشبه بإبادة ومجزرة فظيعة، وهذه القضية نرفعها إلى المجتمع الدولي والضمير الإنساني، بمثابة مضبطة اتهام بالعدو الاسرائيلي، طالبين اتخاذ موقف واضح من هذه المجازر الفظيعة».


 


الغارة


إذاً، نفذ العدو الاسرائيلي عصر امس، غارة جوية «دقيقة» بطائرات «أف35»  الاميركية الحديثة على منطقة الجاموس في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت قرب «مجمع القائم»، استهدفت قياديِّين في المقاومة، في عملية اكد فيها العدو كما نقلت «هيئة البث الإسرائيلية» عن مسؤول إسرائيلي: انه لا توجد خطوط حمراء حالياً في المواجهة مع حزب الله والهدف هو ملاحقة الحزب.

وحسب المعلومات الاسرائيلية استهدفت الغارة ابراهيم عقيل الذي اعطاه العدو اكثر من صفة، بين انه عضو المجلس الجهادي في الحزب وهو رقم 3 وأصبح رقم 2 لأنه عيّن مكان القائد العسكري الشهيد فؤاد شكر، ورئيس هيئة عمليات المقاومة، وقائد قوات الرضوان والمسؤول عن وحدة الصواريخ البحرية، والمتهم من قبل اميركا بتفجير السفارة الاميركية في بيروت ومقر المارينز على طريق المطار عام 1983 وتوجد جائزة بقيمة 5 ملاين دولار على رأسه. وذكر جيش الاحتلال: «ان المستهدف كان يترأس اجتماعاً للحزب مع قيادات في قوة الرضوان وفلسطينة لبحث التخطيط لكيفية إحتلال منطقة الجليل شمال فلسطين».

وذكر موقع «أكسيوس» الاميركي: «ان مسؤولاً إسرائيلياً أعلن القضاء على كامل القيادة العليا لقوة الرضوان في الضربة الإسرائيلية على الضاحية، وأن لا تغيير في تغييرات تعليمات الجبهة الداخلية».

وذكر مصدر امني لبناني ان الغارة استهدمت لجنة قيادة فرقة الرضوان، الذين خرج بعض اعضائها مصابين، وسط غموض يلف مصير عقيل.

وتحدثت المعلومات عن ان الاستهداف الاسرائيلي كان لاجتماع قيادات عسكرية من حزب الله في الطابق الثاني من المبنى المستهدف، وابرزهم قائد العمليات الخاصة في الحزب عضو المجلس الجهادي، وهو الرقم 2 بعد اغتيال القيادي الكبير فؤاد شكر، بمشاركة اكثر من 20 قيادياً.

وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن هناك شخصيات أخرى استهدفت إلى جانب إبراهيم عقيل في ضاحية بيروت، والتي كانت قد أعلنت أن اجتماعًا كان يعقد في المبنى المستهدف بين مسؤولين كبار فلسطينيين ومن حزب الله.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي أنه لا توجد خطوط حمراء حالياً والهدف هو ملاحقة حزب الله.

ونقل عن الإعلام الإسرائيلي أنه إذا نجحت عملية الاغتيال في الضاحية الجنوبية فنحن في مرحلة مختلفة من الحرب تمامًا.


 


مَن هو ابراهيم عقيل؟


إبراهيم عقيل معروف أيضاً باسم «تحسين»، وهو عضو في أعلى مجلس عسكري تابع للحزب، ألا وهو مجلس الجهاد.

وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية عقيل على لائحة المواطنين المدرجين بشكل خاص في 21 تموز 2015، وذلك بموجب الأمر التنفيذي رقم 13582، بالنظر إلى عمله لصالح حزب الله أو بالنيابة عنه. وأدرجت عقيل على لائحة الإرهابيين الدوليين المدرجين بشكل خاص في 10 أيلول 2019 بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224 بصيغته المعدلة.

كذلك، كان قد أعلن برنامج «مكافآت من أجل العدالة» التابع لوزارة الخارجية الأميركية والذي تديره خدمة الأمن الدبلوماسي، عن عرض مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار مقابل الحصول على معلومات تفضي إلى الكشف عن هوية القيادي البارز في حزب الله إبراهيم عقيل أو مكان وجوده أو إلى اعتقاله و/أو إدانته.

وتمكن الدفاع المدني من سحب شاب على قيد الحياة من تحت الانقاض، وبلغ عدد المفقودين 12 شخصا، كما ان هناك 8 اطفال مفقودين من عائلة غازي.

ومساء، قال الناطق باسم الجيش الاسرائيلي: لا نعمل للتصعيد شامل، بل لتحقيق اهداف الحرب واعادة سكان الشمال الى منازلهم.

وأعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إنه «ليس لديه علم بما إذا كانت إسرائيل قد أخطرت الولايات المتحدة قبل تنفيذ ضربات في بيروت يوم الجمعة، مطالبا الأميركيين بشدة بتجنب السفر إلى لبنان أو مغادرته إذا كانوا هناك بالفعل».

وأضاف كيربي في حديثه للصحافيين: أنه لا يستطيع التعليق على أحدث موجة من الضربات لكنه أكد مجددا أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تسعى إلى تجنب التصعيد في المنطقة.

كما سارع «مسؤول دفاعي أميركي» الى القول: نحن نراقب التطورات في بيروت ونؤكد أن لا دور للقوات الأميركية في ما يحدث.


 


الوضع الميداني


ونفذ حزب الله امس عدة عمليات نوعية قبل الغارة وبعدها لكنها لم تكن من ضمن الرد على الغارة، حيث اعلنت المقاومة في بيانات:رداً على ‌‏‌‏‌‏اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة، قصف مجاهدو المقاومة ‏الإسلامية يوم الجمعة، مقر الاستخبارات الرئيسية في المنطقة الشمالية المسؤولة ‏عن الاغتيالات في «قاعدة ‏ميشار» بصليات من ‏صواريخ الكاتيوشا.‏ ثم اعادوا قصفها مرة ثانية عصراً.

وقصف مجاهدو المقاومة ‏الإسلامية مقر وحدة المراقبة الجوية وإدارة العمليات ‏الجوية في «قاعدة ‏ميرون» بصليات من ‏صواريخ الكاتيوشا.‏

وقبل ذلك، قصف مجاهدو المقاومة ‏الإسلامية «مقر قيادة الفيلق الشمالي في قاعدة عين زيتيم» بصليات من ‌‏صواريخ الكاتيوشا.‏ والمقر المستحدث للفرقة 91 في «اييليت هشاحر» بصلية من ‏صواريخ الكاتيوشا.‏

كما قصفت المقاومة قبل ظهر أمس بالكاتيوشا: مقر قيادة فرقة الجولان 210 في نفح.‏ومقر قيادة الجمع الحربي لفرقة الجولان في ثكنة يردن. ومقر الكتيبة الصاروخية والمدفعية في ثكنة يوآف. وكذلك‏ مقر قيادة لواء المدرعات 188 التابع للفرقة 36 في ثكنة ‏العليقة. ‏و‏مقر الدفاع الجوي والصاروخي في ثكنة كيلع. والقاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة ‏المنطقة الشمالية في ثكنة بيريا. ونقطة تموضع لجنود العدو الإسرائيلي في موقع ‏المطلة بصاروخ موجه واصابوها إصابة مباشرة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جنديين وإصابة تسعة آخرين في هجمات شنها «حزب الله» على الحدود مع لبنان.وبحسب بيان الجيش، وقعت باقي الإصابات في انفجار مسيَّرات استهدفت منطقة الجليل الغربي، ليرتفع بذلك عدد قتلى الإسرائيليين إلى 715 جندياً منذ السابع من تشرين الماضي.