غيب الموت الشاعر العماني زاهر الغافري بعد معاناة طويلة مع المرض. وكتب الروائي اليمني علي المقري: "لعلّنا سنزدادُ جمالاً بعد الموت"... الشاعر العُماني زاهر الغافري، الذي ملأ أيامنا بهجةً ورقصاً وحياة، غادرنا دون تلويحة وداع أو سهرة أخيرة نتبادل فيها هذياناتنا الأخيرة.
الغافري من مواليد عُمان العام 1956. خرّيج جامعة محمد الخامس/ قسم الفلسفة/ 1982 الرّباط. أقام في عدد من البلدان العربية والأجنبية منها العراق، المغرب، فرنسا، أميركا.
كتب الغافري الشعر الكلاسيكي الذي تعلمه في قريته "سرور ونفعا" وقد عاش في بغداد قرابة 10 سنوات من أجل الدراسة، وقد كانت نقلته الشعرية الكبيرة بعدما تعرف على بدر شاكر السياب ومحمود البريكان شعريآ، من ثم انتقل للمغرب وذهب بعدها الى باريس ونيويورك ولندن إلى أن وصل في النهاية إلى مالمو السويدية.
رأس تحرير مجلة البرواز المعنية بالفنون البصريّة. نشر في غالبية المجلات الثقافية في العالم العربي. حصل على جائزة كيكا للشعر 2008. اللجنة، التي ترأسها الشاعر الأردني أمجد ناصر، رأت لدى الغافري قصيدة شبَّتْ في المنفى واحتمت بظلال بعيدة عن مساقط ضوء خارجية، وتوقفت أمام استخدام الغافري للغة والصور والموروث، ورأت أنه يعكس تمكّناً ومراسا عاليين ومرنين من غير أن يفسد المراس والتمكّن تلك الهبات العفوية واللقى الطازجة التي تجعل لقصيدته حرارة خاصة في قراءة تتكشف، بالتدريج، عن طبقات متداخلة من المعاني والعواطف المنضبطة والرؤى المشعة من الداخل. ترجم بعض أعماله إلى لغات عديدة، الاسبانية الإنكليزية، الألمانية، السويدية، الفارسية، الهندية والفرنسيّة. أصدر مجموعات شعرية منها: "أظلاف بيضاء" 1983، "الصمت يأتي للاعتراف" 1991، "عزلة تفيض عن الليل" 1993، "أزهار في بئر" 2000، "ظلال بلون المياه" 2006، "كلما ظهر ملاك في القلعة" 2008، "المجموعات الخمس" 2013.
صدر له أخير "مدينة آدم" عن مرفأ للثقافة، نقرأ منه:
هذه أغنيتكِ الصباحية يا غوتلاند،
آسف أنا لأنني تأخرتُ في المجيء،
على الأرجح كنتُ في بهلاء أنظرُ إلى جمرةٍ في فمِ الساحر.
لكنني سأتعّلمُ من الأساطير،
الهجرةَ كنبيٍّ مفلسٍ أمامَ حانة الليل.
يمرّ الرعاة بلا بوصلةٍ،
يقودهم غناءُ الساحرات.
المراعي تسرق النظر في اتجاهات عديدةٍ مخلفةً
فرحاً في الوجوه والخطوات،
لعّل الضوءَ يقطرُ من الأغصان
وأنا أمشي تحت عين السيكلوب
ولعّل الاكليلَ تَحطّم تماماً من كثرةِ البرق،
وهذا الأملُ لم يعد ينزفُ دماً منذ نهاية الفايكنج.
الجُندبُ لا يلبثُ أن يظهرَ من كهفٍ
كأنه كان يختبأُ في لعبة المصير في ميناء كالمر".