مدعاة للضّحك والبكاء والسّخرية والحزن في آن معاً أغلب المواقف التي أطلقها سياسيون لبنانيون تعليقاً أو ترحيباً بانتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، في موجة من التصريحات حفلت بها منصّات وسائل التواصل الاجتماعي على اختلافها والمواقع الإخبارية المحلية.
وإذا كان مفهوماً وعادياً أن يُبدي كبار المسؤولين الرسمين في لبنان ورؤساء الأحزاب الكبرى والتيّارات السّياسية الرئيسية والكتل النيابية مواقف بعد انتخاب ترامب، شأنهم في ذلك شأن بقية المسؤولين الرسميين في مختلف أصقاع العالم، فإنّه كان مدعاة للشفقة، أكثر منه الإستغراب، تلك المواقف التي أطلقها سياسيون في لبنان بشكل حاولوا الإيحاء فيها أو خداع أنفسهم قبل خداع جمهورهم المتواضع، أنّ هذه المواقف ستؤثّر في سياسة الولايات المتحدة تجاه لبنان والمنطقة في المرحلة المقبلة، وبأنّ ترامب لن يذهب للنّوم قبل أن يطّلع على مواقف هؤلاء، والإستجابة لمطالبهم، أو الموافقة على ما أبدوه من رؤى وتطلعات ترسم سياسته المستقبلية.
من بين هؤلاء السّياسيين نوّاب دخلوا الندوة البرلمانية للمرّة الأولى واحتمال تجديد إنتخابهم مرّة ثانية مشكوك فيه، وهؤلاء أطلق عليهم البعض وصف “نوّاب الغفلة”، أيّ الذين استغلوا أو استفادوا من ثغرات في قانون الإنتخابات النيابية فأصبحوا نوّاباً، ومع ذلك فقد أطلقوا مواقف وتعليقات حول انتخاب ترامب بدت وكأنّ الأخير ينتظر رأيّهم ليبني على الشّيء مقتضاه.
أحد هؤلاء أعرب عن أمله في أنّ ترامب “سيبذل جهوده لتحقيق السّلام في منطقتنا”، والأخير بالتأكيد لن يُخيّب أمله! وآخر بارك لترامب “الفوز التاريخي”، وهو فوز يشبه الفوز التاريخي لنائب “الأمّة اللبنانية” في الإنتخابات النيابية الأخيرة، وثالث يعدّ نفسه من نوّاب التغيير راى أنّ فوز ترامب “سوف يؤدي إلى تغيير مقاربة الإدارة الأميركية لسياستها في الشّرق الأوسط”، وهو تغيير ربما يراه نائب التغيير مشابهاً للتغيير الذي جاء به نائباً، أو للتغيير الذي يدعو له!
إضافة إلى النوّاب، فقد كان لبعض وزراء الحكومة الحالية مواقف لا تقلّ غرابة عن مواقف الآخرين. أحد هؤلاء الوزراء أبدى تطلّعه “إلى العمل الوثيق مع ترامب لإنقاذ لبنان وإعادة بنائه”، برغم إدراك الوزير أنّه وزيراً في حكومة تصريف أعمال، وبأنّه لو جرى تأليف حكومة جديدة منذ مدّة بعيدة لما كان اليوم في موقعه.
وزير آخر يرى في نفسه مشروع “رئيس حكومة” في المرحلة المقبلة، أطلق أكثر من موقف مرحّباً بانتخاب ترامب، واعتبر نفسه مقرّباً منه ومن عائلته، كما نشر صورة له مع ترامب تعود لسنوات، وقد صف ترامب بأنّه “صاحب مبدأ”، وهو وصف لا يراه ترامب في نفسه، إذ ينظر إليه كثيرون، في الولايات المتحدة وخارجها، بأنّه “رجل صفقات”، وأنّ المبادىء ليست موجودة في قاموسه.
The post لبنانيون يرحّبون بانتخاب ترامب.. خداع الذّات والآخرين!.. عبدالكافي الصمد appeared first on .
The post لبنانيون يرحّبون بانتخاب ترامب.. خداع الذّات والآخرين!.. عبدالكافي الصمد appeared first on .