رغم قدرة نجوم ونجمات، من عيار بيونسيه وتايلور سويفت وكريستينا أغيليراً، على استقطاب الحشود الجماهيرية في أنحاء العالم، لم ينجح دعمهم للمرشحة للانتخابات الرئاسية الأميركية كامالا هاريس في تمكينها من التغلب على منافسها دونالد ترامب الذي انتُخب للمرة الثانية رئيساً للولايات المتحدة، ما أظهر محدودية تعويل الحزب الديموقراطي المعتاد على هذا السيل من مشاهير الفن.
أما ترامب، فعوضاً عن الاعتماد على سحر نجوم هوليوود لتشجيع الناخبين على التصويت له، تمكن بفضل استعانته في إطلالاته برياضيين وغيرهم من الوجوه المؤثرة ذات التوجهات الذكورية، في جذب فئات معينة من الجمهور وتشجيعها على الاقتراع لمصلحته. ولم يستطع نجوم السينما والموسيقى الذين جاهروا بتأييدهم كامالا هاريس، وفي مقدمتهم مادونا وجورج كلوني وجنيفر لوبيز وليدي غاغا، أن يوفروا لها ما يكفي من الأصوات للفوز.ولاحظَ أستاذ الفنون في "جامعة نيويورك" لورانس ماسلون أن هؤلاء لم يكونوا ليتمكنوا من ذلك "في هذه الانتخابات". وأضاف أن "الناس يدركون ربما أن أسعار الغاز أو البيض لا تشكل مصدر قلق لبيونسيه وجورج كلوني"، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".وليس التمازج بين نجوم الفن والشخصيات السياسية ظاهرة جديدة في الولايات المتحدة، بل هو تقليد راسخ فيها أكثر مما هو في اي بلد آخر في العالم، منذ زمن فرانك سيناترا الذي جمع فرقته "رات باك" لدعم جون كينيدي العام 1960. وفي 2024، أثمرت حملات لجمع التبرعات في هوليوود، عشرات الملايين من الدولارات لتمويل حملة هاريس التي حطمت الأرقام القياسية.لكن تلك الاستراتيجية "لن تكون أبداً الحل السحري الذي ينتظره الجميع"، في نظر الأستاذة في جامعة ولاية أريزونا، مارغريتا بنتلي، التي تدرّس مادة تتعلق بالشؤون العامة مخصصة لتايلور سويفت. ورأت الباحثة أن هزيمة الديموقراطيين يجب أن تدفعهم إلى "تحليل ذاتي عميق" لمعرفة "ما كان يمكن أن ينجح أكثر"، بما في ذلك دعم المشاهير.وأفاد مارك هارفي الذي أصدر كتاباً عن الالتزام السياسي للنجوم، أن أحداً يجب ألا يُفاجأ كثيراً. وأوضح أن "البيانات العلمية لا تثبت أن في استطاعة المشاهير التأثير في خيارات الناس في التصويت للمرشحين". واعتبر أن تأثير هؤلاء النجوم يقتصر على المجالات التي يتمتعون فيها بخبرة أو تجربة حقيقية، فالسياسة قد تكون أقرب إلى كونها حلبة مصارعة أو ملاكمة مما إلى كونها مسرحاً لحفلة موسيقية.ويحيط ترامب نفسه بأسماء كبيرة من عالم الرياضة، على غرار رئيس منظمة "ألتيميت فايتينغ تشامبيونشيب" للفنون القتالية، دانا وايت، الذي كان حاضراً إلى جانبه ليلة فوزه، ووصفه الرئيس المُنتخب بأنه رجل "قوي". ومن الرياضيين الدائرين أيضاً في فلك ترامب، لاعب الغولف برايسون ديشامبو، الذي قال عنه المرشح الجمهوري الفائز والذي يهوى هذه الرياضة وله ناديه الخاص في فلوريدا أنه "رائع". وأقر ترامب بأن ديشامبو يضرب الكرة "أبعد قليلاً" منه.ووسط تصفيق الجمهور، خصص ترامب مساحة كبيرة لمدح أغنى داعميه، الملياردير إيلون ماسك. كذلك حصل دونالد ترامب على دعم جو روغان، الذي يقدم أحد أكثر برامج التدوين الصوتي "بودكاست" شعبية في العالم، وخصوصاً بين الشباب.ولاحظ مارك هارفي أن "الذكورية كانت من أقوى القضايا الثقافية التي طغت إلى حد كبير" على هذه الانتخابات. وشرح أن روغان "يركز باستمرار" على فكرة سامة هي "الرجل الحقيقي" ويقول أن "ترامب ذكوري".لكنّ آشلي سبيلاين التي ترأس شركة استشارية متخصصة في تأثير النجوم على المجتمع قالت أن "قيمة دعم المشاهير للمرشحين وتأثيره" هي في الواقع مسألة "قابلة للنقاش". وأفادت بأن هنالك "أدلة دامغة على أن للمشاهير تأثيراً فعلياً لجهة تعزيز الالتزام المدني العام غير الحزبي"، كدعوة سويفت إلى الاقتراع والتي دفعت أكثر من 400 ألف شخص إلى الإقبال على موقع إلكتروني لتسجيل الناخبين أسماءهم في لوائح الشطب الانتخابية.ورغم هزيمة هاريس، لم تصمت هوليوود، بل أدلى بعض النجوم بمواقف ومن بينهم النجمة الحائزة على جائزة "أوسكار"، جايمي لي كورتيس، التي دفعت للكفاح يوماً بيوم طوال السنوات الأربع الماضية، ومادونا التي عبرت عن اشمئزازها من انتخاب مجرم رئيساً للولايات المتحدة، والممثل جون كوزاك الذي سارع إلى اعتبار ترامب "فاشياً ذا سلطة مطلقة". أما مغنية الراب، كاردي بي، التي كانت هدفاً لتنمر أيلون ماسك خلال الأسابيع الماضية، فنشرت مقطع "ستوري" عبر "إنستغرام" عبرت فيه عن الخيبة بالقول: "أنا أكرهكم كثيراً جميعاً".