تشهد مخيمات الشمال السوري كثافة في استخدام خاصية البث المباشر على "تيك توك" بهدف الحصول على مساعدات مالية وهدايا يوفرها متابعون متعاطفون مع الواقع المؤلم لأصحاب الحسابات، لكن الصادم هو أن مستخدمي البث المباشر يروجون لصور مخادعة تزعم وجودهم في قطاع غزة، في ما يبدو أنه لجلب مزيد من الدعم والتعاطف والهدايا الثمينة.
ورصدت "المدن" عدداً من هذه الحسابات، حيث تابعت بثهم المباشر على مدار أكثر من أسبوع، ويلاحظ في هذه الحسابات أن معظم أصحابها يضعون الأعلام الفلسطينية، وبعضهم يرتدي الكوفية البيضاء، وهي إحدى العلامات المميزة للقضية الفلسطينية، كما يظهر بعض آخر مرتدياً لباساً عسكرياً.
وعلى وقع الأناشيد الحماسية الخاصة بفلسطين، يقوم أصحاب هذه الحسابات باستجداء الداعمين، ويرطنون ببعض الكلمات باللغة الإنكليزية مخاطبين في الأغلب جمهوراً غير عربي، وهو ما يبدو واضحاً في تعليقات المتابعين الذين يندر وجود المتابعين العرب في ما بينهم.
أساليب مكشوفة
ويمكن تمييز الحسابات السورية التي ترتدي اللبوس الفلسطيني الغزاوي، من اللهجة السورية بشكل دقيق وواضح، كما تظهر مقاطع الفيديو التي تبثها الحسابات أماكن مميزة في مخيمات الشمال السوري، في ظل كثافة أشجار الزيتون ونوع ولون التربة المتمايز عن الرمل الذي تظهره مخيمات الغزاويين، كونها موجودة غالباً على الشاطئ طلباً للأمان بعيداً عن الاستهداف والضربات.
ويمكن ملاحظة أن بعض الحسابات لا يزعم بأن أصحابها يقيمون في غزة، لكن ما ينشر من مقاطع يظهر صورة بصرية متعاطفة مع القضية الفلسطينية، كأن يظهر أطفال المخيم حاملين العلم الفلسطيني وهم يهتفون لفلسطين، وهي وسيلة تحفز المتابعين وتجعلهم يزيدون تعاطفهم مع أصحاب الحسابات على البث المباشر.
فاطمة وياسمين
يومياً، تظهر كل من فاطمة وياسمين على البث المباشر لاستجداء الدعم المالي والمتابعات واللايكات. حساب الصبيتين، يزدان بالعلم الفلسطيني. وتخاطب الصبيتان الداعمين الماليزيين والإندونيسيين باللغة الإنكليزية، مع المواظبة على ذكر اسم فلسطين في كل تسجيل فيديو تخرجان فيه، بينما تظهر التعليقات أن المتابعين يعتقدون أن الفتاتين تقيمان في مخيمات غزة، وهذا ما يجعل الهدايا تتوالى عليهما في أثناء البث المباشر.
آمالي بالله
وكمثال آخر، يزدحم حساب يدعى "آمالي بالله" بفيديوهات من قلب غزة، وتضاف إليها خطب للشيخ الفلسطيني الشهير محمود الحسنات، بينما يمكن ملاحظة العلم الفلسطيني في جميع تفاصيل الحساب. ويستعمل صاحب الحساب خاصية البث المباشر بشكل دوري أيضاً، حيث يظهر على كرسي متحرك، وخلفه علم فلسطين، ويحصل على هدايا المتابعين الذين يعتقدون أنه موجود في القطاع المحاصر.
دعوات للمحاسبة
نشطاء من الشمال السوري اكتشفوا أخيراً هذه الظاهرة، من خلال تتبع أحد الحسابات، يقيم صاحبه في مخيمات شمال سوريا، ويدعي أنه وأسرته في غزة، ويتحدث الإنكليزية بشكل جيد، ويطلب مساعدة لإنقاذ عائلته، واللافت أن مالك الحساب تمكن من جميع مبلع لا يقل عن 19 ألف دولار أميركي عبر رابط تبرع من خلال منصة خارج "تيك توك". ودعا النشطاء السلطات في شمال سوريا إلى "البحث عنه ومصادرة أمواله ومعاقبته، فهذا الأسلوب الدنيء بات مهنة في تلك المنطقة".