قال الخبير العسكري العميد إلياس حنا إن بلدتي مارون الراس وعيتا الشعب في جنوب لبنان أصبحتا نقاطًا رئيسية في المعارك الجارية، حيث يحاول الجيش الإسرائيلي فرض سيطرته على المنطقة الحدودية، بينما يركز "حزب الله" هجماته على مناطق إصبع الجليل داخل "إسرائيل".
وأوضح حنا في حديث مع "الجزيرة" أن كلا الطرفين يسعيان لتحقيق مكاسب تكتيكية ضمن استراتيجية شاملة بانتظار التوصل إلى حلول سياسية، لافتًا إلى أن الجيش الإسرائيلي يخطط لربط القرى اللبنانية الحدودية مثل الخيام، العديسة، وكفر كلا بمارون الراس وعيتا الشعب لعرقلة تحركات مقاتلي "حزب الله" وتعزيز أمن الحدود.
وأشار حنا إلى أن القوات الإسرائيلية تبدي قلقًا متزايدًا من قوات "الرضوان" النخبة التابعة لـ"حزب الله"، التي تعتبر قادرة على تنفيذ عمليات هجومية مشابهة لعملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة "حماس".
وأكد أن الجيش الإسرائيلي يسعى لتدمير بنية "حزب الله" التحتية في جنوب لبنان كإجراء استباقي للحد من قدرات "قوة الرضوان" على اقتحام بلدات الجليل.
وأضاف حنا أن المعارك الحالية لم تعد تقتصر على المناوشات الحركية بل تحولت إلى حرب استنزاف واسعة ضمن "مثلثات استراتيجية" خاصة بكل طرف، حيث يقوم "حزب الله" باستهداف القوات الإسرائيلية في البلدات الحدودية ومحيطها، وصولاً إلى أهداف عسكرية في مناطق أعمق مثل حيفا، ما يزيد الضغط على الجيش الإسرائيلي ويعزز من كلفة المعركة.
في المقابل، يُركز الجيش الإسرائيلي ضرباته الجوية على جنوب نهر الليطاني، الضاحية الجنوبية لبيروت، ومناطق البقاع، إذ تعد هذه المناطق قاعدة دعم أساسية لـ"حزب الله".
وبالتزامن، تستمر عمليات التوغل العسكري الإسرائيلي منذ 23 أيلول، حيث دفع الجيش الإسرائيلي بخمس فرق عسكرية هي 210، 98، 91، 36، و146، موزعة على طول الحدود اللبنانية بهدف تأمين عمق استراتيجي يمتد حتى 5 كيلومترات داخل لبنان، حسب مصادر عسكرية.
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن زيادة حزب الله اللبناني من كثافة وحدة هجماته تضع جيش الاحتلال الإسرائيلي في حالة تأهب دائمة.
وفي وقت سابق، أعلن حزب الله اللبناني تنفيذه هجمات عدة على مواقع ومستوطنات للاحتلال، من بينها قصفه برشقة صاروخية مستوطنة كريات شمونة، وشنه هجوما بمسيرات انقضاضية على تجمع لعسكريين في مارون الراس.
وفي تحليل للمشهد العسكري، أشار حنا إلى أن حزب الله مع زيادته لكثافة هجماته في إطار مواجهته مع جيش الاحتلال، استهدف قاعدة تل نوف الجوية، وهي إحدى أقدم القواعد العسكرية في إسرائيل.
وأوضح أن هذه القاعدة، التي تضم الوحدة 669 المختصة بإجلاء المصابين من الجنود الإسرائيليين، تشكل استهدافا جديدا بنمط مختلف عن المواجهات المعتادة على الحدود.
وأشار العميد حنا إلى أن وتيرة الهجمات وتصاعدها، خاصة مع استخدام حزب الله لصواريخ بعيدة المدى ومسيرات انقضاضية في مناطق إستراتيجية مثل مارون الراس، تعكس مستوى متقدما من الجهوزية اللوجستية وتوفر المعدات لدى الحزب.
ويبدو أن هذا التصعيد يضع الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب دائمة، ما يضاعف التحديات الأمنية على الحدود الشمالية.
وأضاف حنا أن إسرائيل باتت تستنفر قواتها في الجليل، خاصة في المناطق التي تشهد تصاعدا في الاشتباكات، حيث يرصد الجيش أهدافا جوية متتالية وصواريخ منطلقة من الأراضي اللبنانية، وهذا يجعل السكان في حالة نزوح متكرر إلى الملاجئ.
كما لفت إلى أن هذا الوضع أصبح معتادا لدى الجبهة الداخلية الإسرائيلية، لكن القلق يتصاعد مع استمرار التصعيد على طول الخط الأزرق.
وكانت الجبهة الداخلية الإسرائيلية أعلنت دوي صفارات الإنذار اليوم الجمعة في أكثر من 50 مدينة ومستوطنة من شمال إسرائيل حتى وسطها، للمرة الثالثة منذ صباح اليوم، وأشارت إلى تحذيرات من اختراق مسيّرة الأجواء في القطاع الشرقي للحدود مع لبنان.
وأكد العميد حنا أن الجيش الإسرائيلي يسعى لفرض سيطرته على المناطق الحدودية عبر تعزيز وجوده في مناطق حساسة مثل كفر كلا والعديسة، لكن محاولات التوغل تواجه مقاومة من "حزب الله".
وأشار إلى أن حزب الله يحاول إبطاء تقدم الجيش الإسرائيلي من خلال توجيه ضربات باستخدام أسلحة بعيدة المدى، ما يمنع الآليات الثقيلة من التوغل في عمق الأراضي اللبنانية.
ورغم أن الجيش الإسرائيلي لم يتكبد خسائر كبيرة في المعدات الثقيلة حتى الآن، فإن التكلفة البشرية قد ترتفع بشكل كبير إذا قرر التقدم إلى القرى القريبة من الخط الأزرق.
وأسفرت حرب الاحتلال الإسرائيلي على لبنان إجمالا عن 3102 قتيل و13 ألفا و819 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن نحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 أيلول الماضي، وفق رصد الأناضول لأحدث البيانات الرسمية اللبنانية المعلنة حتى مساء أمس الخميس.