استبعد الخبير العسكري اللواء فايز الدويري قدرة الجيش الإسرائيلي على تحقيق أهدافه المعلنة في المرحلة الثانية من عمليته البرية الجارية في لبنان، مشيراً إلى أنها تُواجه صعوبات شبيهة بتلك التي أعاقت تقدمها خلال حرب 2006.
وأوضح الدويري أن الجيش الإسرائيلي عجز حتى الآن عن السيطرة على القرى الواقعة في خط التماس الأول واضطر للانسحاب منها بعد تدميرها بعمليات هندسية.
وأشار الدويري إلى أن الجيش الإسرائيلي اعتمد في هذه العملية على دفع أجزاء من خمس فرق، بدلاً من توجيهها بالكامل نحو خطوط القتال، مؤكداً أن عمليات الاقتحام والتدمير تتم بفضل دعم سلاح الهندسة، فيما يشارك المشاة في أدوار محدودة.
وبيّن أن المرحلة الثانية قد تتضمن مزيجاً من القوات البرية والمدرعة، كما كان الحال في المرحلة الأولى، مع احتمال إدخال تقنيات قتالية جديدة لتعزيز حركة القوات ومناورتها.
وأفاد الدويري بأن لدى "حزب الله" تصوّراً واضحاً لخطط إسرائيل، لافتاً إلى أن الحزب سيعتمد في مواجهته على "العقد القتالية" التي تُستخدم عادة في الحروب غير التقليدية من قبل الحركات المسلحة.
في السياق ذاته، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، يوم أمس الثلاثاء، أن الجيش الإسرائيلي دخل مرحلة جديدة في عملياته البرية بلبنان. وأشارت صحيفة "معاريف" إلى أن الهدف من هذه المرحلة هو تقليص قدرات "حزب الله" الصاروخية، وممارسة ضغوط إضافية عليه لدفعه نحو مفاوضات تسوية.
كما نقلت الصحيفة عن الجيش الإسرائيلي تأكيده أن القذائف الأخيرة التي أطلقت من جنوب لبنان، انطلقت من مواقع غير نشطة سابقاً. ووفقاً لهيئة البث الإسرائيلية، بدأت الفرقة 36 تعميق تقدمها باتجاه مواقع جديدة ضمن خط القرى الثاني جنوب لبنان.
من جانبه، أعلن "حزب الله" أن "العدو الإسرائيلي سيواجه الفشل في محاولته تعزيز عملياته البرية"، مؤكداً أنه اتخذ "إجراءات حاسمة" لخوض معركة طويلة الأمد دفاعاً عن سيادة لبنان وحرية شعبه.
وفي سياق متصل، صرّح الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد حسن جوني، في تعليقه على إعلان الجيش الإسرائيلي بدء المرحلة الثانية من عملياته البرية في لبنان، أن هذا القرار يصعب تبريره من الناحية العسكرية، إذ يعكس أبعادًا سياسية وإعلامية أكثر من كونه استجابة لواقع ميداني. وأشار إلى أن المرحلة الأولى من العمليات البرية كانت غير ناجحة، حيث تصدت فرق المقاومة اللبنانية المنتشرة على الحدود لمحاولات الجيش الإسرائيلي التوغل داخل الأراضي اللبنانية، ما أسفر عن تكبيده خسائر.
وكشفت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن الهدف من المرحلة الثانية من العملية العسكرية هو القضاء على القدرة الصاروخية لحزب الله، مشيرة إلى أن هذه المرحلة تهدف أيضًا للضغط على حزب الله ضمن سياق مفاوضات التسوية في لبنان.
ويرى العميد جوني أن إعلان هذه المرحلة يوجه بالدرجة الأولى للجمهور الإسرائيلي، الذي لا يزال يعاني من استمرار سقوط الصواريخ والمسيّرات التابعة لحزب الله. وقال جوني: "الإعلان يسعى لإيصال رسالة طمأنة للإسرائيليين بأن الجيش سيعمل على حمايتهم من هذه الهجمات".
وأوضح أن المرحلة الأولى من العمليات العسكرية كانت تعتمد على الإغارات المؤقتة، حيث كانت القوات الإسرائيلية تنفذ عمليات محدودة تشمل تفجير مواقع أو تنفيذ اغتيالات واعتقالات قبل العودة إلى مواقعها، دون السيطرة الدائمة على الأراضي.
وأضاف العميد جوني: "إذا كانت المرحلة الثانية تهدف إلى توسيع الإغارات في اتجاهات معينة، لا سيما نحو الشرق، فقد يكون ذلك ممكنًا، لكنه سيأتي بتكلفة عالية". وأكد أنه من المنظور العسكري، فإن القضاء الكامل على القدرة الصاروخية لحزب الله يتطلب سيطرة الجيش الإسرائيلي على كافة الأراضي اللبنانية، وصولاً إلى الحدود الشمالية في مناطق مثل الهرمل والقصير، وهو أمر مستبعد وصعب التحقيق.
وأشار جوني إلى أنه رغم القدرات العسكرية الإسرائيلية، فإن سلاح الجو والمروحيات والمنظومات الدفاعية الإسرائيلية لم تتمكن حتى الآن من اعتراض الصواريخ والمسيّرات التي يطلقها حزب الله، متوقعًا أن تظل هذه الصواريخ والمسيّرات تسقط على الأجواء الإسرائيلية، إذ زاد حزب الله من استخدام المسيّرات بشكل ملحوظ في عملياته.
وكان حزب الله قد أعلن مساء أمس أنه قتل أكثر من 100 جندي وأصاب نحو ألف آخرين منذ بدء الجيش الإسرائيلي عملياته البرية في جنوبي لبنان في الأول من تشرين الأول الماضي.
يُذكر أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، صادق قبل أيام على توسيع العمليات البرية في جنوب لبنان، عقب موافقته على خطط جديدة وضعتها القيادة الشمالية للجيش، والتي تهدف إلى توسيع نطاق المناورة العسكرية نحو مناطق جديدة، حيث تتركز أنشطة حزب الله.