شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت تصعيدًا غير مسبوق في اليومين الماضيين، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي عن تنفيذ أكثر من ثلاثين غارة على مواقع لحزب الله في المنطقة.
وأسفرت الغارات عن تدمير عدد من المباني السكنية، حيث اشتبه الجيش الإسرائيلي بوجود مخازن سلاح ومقار تابعة لحزب الله تحت هذه المباني، كما تضرر العشرات من المدنيين في المنطقة التي تعد المعقل الرئيسي لحزب الله.
ويأتي هذا التصعيد في وقت أعلن فيه الجيش الإسرائيلي عن استمرار عملياته العسكرية البرية في الجنوب، وقد أثار هذا التصعيد العديد من التساؤلات حول أسباب استمرار القصف الإسرائيلي رغم تزايد المؤشرات على وجود حل سياسي في الأفق، فضلاً عن الموقف الأميركي من الوضع الراهن في لبنان.
وفي هذا السياق، قال ميتشل باراك، المستشار السياسي والخبير في استطلاعات الرأي من القدس، لقناة "الحرة"، أن "هناك مفاوضات تجري حاليًا، بعضها عبر الولايات المتحدة، وأن هناك خططًا على الطاولة لوقف إطلاق النار"، لكن في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن هذه الجهود، أطلق حزب الله أكثر من 200 صاروخ على إسرائيل خلال الفترة الأخيرة، مما أسفر عن مقتل عدد من المدنيين.
وأوضح باراك أن "إسرائيل لن تكون مهتمة بوقف إطلاق النار طالما أن الطرف الآخر مستمر في هجماته الصاروخية"، مشددًا على أن "التهدئة مرهونة بالقضاء على قدرات حزب الله".
من جهته، أكد جيفري أرونسون، الخبير السياسي والاستراتيجي ومدير سابق لمؤسسة السلام في الشرق الأوسط، أن "الفترة الانتقالية الحالية في الولايات المتحدة، مع اقتراب مغادرة إدارة بايدن وتولي دونالد ترامب منصب الرئاسة في كانون الثاني المقبل، قد تعقد الرؤية الأميركية حيال الوضع في لبنان".
وأضاف أرونسون أن "هذه الفترة الانتقالية تحد من قدرة المسؤولين الأميركيين على فرض نفوذ الولايات المتحدة على أطراف النزاع في الشرق الأوسط، متوقعًا استمرار ديناميكية الحرب بين إسرائيل ولبنان لفترة من الوقت".
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها أن "مساعدًا مقربًا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، وصهره جاريد كوشنر، هذا الأسبوع، أن إسرائيل تسعى للانتهاء من اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان في أقرب وقت ممكن"، وقالت الصحيفة أن "الهدف من هذه الجهود الإسرائيلية هو تحقيق فوز مبكر في السياسة الخارجية للرئيس المنتخب".
كما نقلت الصحيفة عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين أن هذه الجهود تأتي في وقت حساس، حيث تسعى إسرائيل لتأمين نتائج سريعة قبيل تولي ترامب منصب الرئاسة.
وتعد الضاحية الجنوبية في بيروت منطقة ذات أهمية خاصة بالنسبة لحزب الله، إذ كانت تعتبر المعقل الرئيسي له قبل اندلاع الحروب السابقة، حيث تبلغ مساحة الضاحية الجنوبية 28 كيلومترًا مربعًا، وتضم أكثر من مليون نسمة، أغلبهم من الطائفة الشيعية ومؤيدي حزب الله، والذين نزحوا إلى المنطقة خلال العقود الماضية من مناطق الجنوب والبقاع.