حظي الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، بمكاسب بين الناخبين العرب والمسلمين، نتيجة الإحباط المتزايد من سياسات الديمقراطيين، وخصوصًا دعم الرئيس جو بايدن للحرب الإسرائيلية المدمرة في غزة، وتوقع العديد من المراقبين أن يعزز ترامب من جهوده لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط، لكن التطورات في الأيام الأولى من فوزه توحي بأن سياسته ستكون مشبعة بالدعم الثابت لإسرائيل.
وخلال الأيام الأولى لإعادة انتخابه، أظهر ترامب حرصًا على تقديم دعم غير محدود لإسرائيل، وهو ما يعكس انحيازه القوي لمصالحها. وحظي هذا الموقف بترحيب كبير من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحلفائه في اليمين المتطرف، الذين يعتبرون أن الإدارة الجمهورية ستكون أكثر توافقًا مع مصالحهم، لا سيما في ملف ضم الضفة الغربية.
وأشارت التقارير الإعلامية الإسرائيلية إلى أن ترامب قد أكد بالفعل لنظرائه في إسرائيل أنه سيلغي أي قيود أميركية على إمدادات السلاح، كما سيتوقف عن تأخير شحنات الأسلحة.
ويبدو أن الإدارة الجديدة تعتزم اتخاذ خطوات جادة لتعزيز التعاون العسكري مع إسرائيل، بما في ذلك دعم مزيد من التحركات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
واختار ترامب شخصيات مؤيدة لإسرائيل لتولي مناصب بارزة، مما يثير قلق الفلسطينيين ويفتح الباب لمزيد من التوترات في المنطقة، حيث تم تعيين حاكم أركنساس السابق مايك هاكابي سفيرًا أميركيًا في إسرائيل، ويعد هاكابي من أبرز الداعمين لحركة المستوطنين الإسرائيليين، وهو معروف بتصريحاته المزعجة حول الأراضي الفلسطينية، فقد قال في 2017: "لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية. إنها يهودا والسامرة"، كما أشار إلى أن "الإدارة المقبلة ستدعم التحركات الإسرائيلية لضم الضفة الغربية".
واختار ترامب بيت هيغسيث لمنصب وزير الدفاع، وهو شخص ذو تاريخ في تأييد الاستيطان الإسرائيلي وسبق له الدعوة لبناء معبد يهودي في موقع المسجد الأقصى في القدس، كما عبر هيغسيث عن سخرية من الحركات المناهضة لإسرائيل داخل أوساط الشباب الأميركي.
كما تم ترشيح إليز ستيفانيك لمنصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، حيث تعد ستيفانيك من أبرز الشخصيات المؤيدة لإسرائيل، واكتسبت شهرتها بسبب استجوابها في الكونغرس لرؤساء الجامعات الأميركية حول تسامحهم مع الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل، ومن المتوقع أن تنقل هذا الدعم الحماسي لإسرائيل إلى الأمم المتحدة، وقد تسعى إلى تهديد الوكالات الدولية التي تنتقد سلوك إسرائيل.
ويأتي ذلك في وقت حرج، حيث أصدرت اللجنة الخاصة التابعة للأمم المتحدة تقريرًا يشير إلى أن سلوك إسرائيل في حربها ضد غزة كان "متسقًا مع خصائص الإبادة الجماعية"، وهو ما يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات الأميركية الإسرائيلية تحت إدارة ترامب، واحتمال أن تتصاعد التوترات الدولية في حال استمر هذا النهج المتطرف.
بذلك، يتضح أن الرئيس الأميركي المنتخب يسعى لتقديم "هدايا" كبيرة لإسرائيل في فترة ما بعد انتخابه، وهو ما يعكس استمراره في تبني سياسة دعم غير مشروطة لإسرائيل في مختلف المجالات، حتى على حساب العلاقات الدولية وحقوق الفلسطينيين.