تزداد المخاوف من تأجيج التوترات الطائفية في لبنان مع فرار مئات الآلاف من سكان الجنوب نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية، وفق تقرير للصحافية أليسا روبين نشرته صحيفة "نيويورك تايمز".تُبرز القصة مأساة قرية عيتو المسيحية الواقعة في أقصى شمال لبنان، التي شهدت مقتل عائلة شيعية نازحة بأكملها، قوامها خمسة أفراد، بعد غارة إسرائيلية على منزلها. استُهدِف المنزل، وفق شهود عيان، بعد زيارة رجل وزع أموال مساعدات يُعتقد أنها مرتبطة بحزب الله. وأدى الانفجار إلى تدمير المنزل بالكامل، فيما بقي تمثال للقديس شربل صامداً وسط الأنقاض.وبحسب التقرير، فرّت العائلة من مزارع التبغ في الجنوب، وسعت للحصول على مأوى في عيتو خلال تشرين الأول. إلا أن الغارة أثارت توترات بين سكان القرية المسيحيين، الذين عبر بعضهم عن إحباطهم من حزب الله باعتباره يجلب القصف الإسرائيلي إلى مناطقهم.وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن الغارة الإسرائيلية على عيتو أسفرت عن مقتل 21 شخصاً من عائلات نازحة، بينهم أطفال، فيما أشار الجيش الإسرائيلي إلى أن الغارة استهدفت شخصية من حزب الله ويجري التحقق من سقوط مدنيين.تقرير الصحيفة يلفت إلى أن الأزمة دفعت بمئات الآلاف من النازحين الشيعة للبحث عن مأوى في مناطق ذات أغلبية مسيحية أو درزية. وفي حين بدأ السكان المحليون بموجات من التعاطف، جمعوا خلالها البطانيات والطعام للنازحين، فإن القصف الإسرائيلي أدى إلى تأجيج مشاعر عدم الثقة والقلق من احتمال وجود مسلحين بين النازحين.وقالت يارا عبد النبي (21 عاماً)، وهي طالبة جامعية شيعية من قرية بنعفول، إن عائلتها لجأت أولاً إلى كنيسة ثم إلى منزل مسيحي، إلا أن القصف المتكرر دفعهم للانتقال شمالاً، حيث واجهوا تدريجياً ازدياداً في العداء وعدم الثقة. وأشارت إلى أن أصحاب المنازل بدأوا يتذرعون بحجج لطردهم.وفي المناطق الجبلية المسيحية والدرزية شرق بيروت، ظهرت منشورات تحذر النازحين المرتبطين بحزب الله أو حركة أمل من مغادرة المنطقة "لحماية سلامتهم وسلامة السكان".أما في بيروت، أنشأ مخاتير محليون خطاً ساخناً للإبلاغ عن أي نازحين يشتبه بارتباطهم بحزب الله. وظهرت أعلام لحزب "القوات اللبنانية" في مناطق مثل الأشرفية، لتشكل رسالة واضحة بعدم الترحيب بالنازحين الشيعة.يبقى لبنان، الذي يعيش أكثر من خمسة ملايين نسمة، منقسماً على أسس طائفية منذ الحرب الأهلية التي انتهت عام 1990، ويشهد حالياً حالة متجددة من الشلل السياسي بسبب هذه الانقسامات، ما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني واللوجستي للنازحين.