يواصل لبنان دراسة مسودة مقترح وقف إطلاق النار الذي قدمته السفيرة الأميركية في بيروت، ليزا جونسون، وسط قلق متصاعد بشأن بعض البنود المثيرة للجدل التي قد تهدد سيادته. وتثير أبرز هذه البنود، التي وردت في المسودة، إمكانية منح الجيش الإسرائيلي "حرية الحركة" في الأراضي اللبنانية تحت ظروف معينة، وهو ما يرفضه لبنان بشكل قاطع.وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن مصادر سياسية لبنانية كبيرة قولها إن السفيرة الأميركية قد قدمت الاقتراح لرئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، دون الخوض في التفاصيل الدقيقة للاتفاق. إلا أن المصادر أكدت أن جماعة حزب الله قد وافقت على منح بري التفويض الكامل للتفاوض حول المقترح.أحد النقاط الأكثر إثارة للجدل في المباحثات الحالية يتعلق بمطلب إسرائيل الاحتفاظ بحرية التصرف إذا ما خرقت جماعة حزب الله أي اتفاق. وهذا المطلب، الذي يعتبره الجانب اللبناني غير مقبول، يتسبب في أزمة دبلوماسية بين بيروت وواشنطن. وأكد الرئيس نبيه بري في تصريحاته الأخيرة أنه "لا يمكن قبول أي نوع من حرية الحركة للجيش الإسرائيلي في لبنان"، مشيرًا إلى أن جميع الأطراف المعنية تدرك تمامًا أن هذا الأمر يتناقض مع سيادة لبنان، ولا يمكن حتى مناقشته كمبدأ.في نفس السياق، نفى بري أيضًا أن تكون المسودة قد تطرقت إلى فكرة نشر قوات من حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو أي قوات أجنبية أخرى على الأراضي اللبنانية، معتبرًا أن هذا الاقتراح يتعارض مع مصالح لبنان الوطنية ويشكل تهديدًا للسيادة اللبنانية.وتجري المباحثات حاليًا حول ضمانات تنفيذ القرار الدولي رقم 1701، الذي أنهى حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله. وقد أشار مصدر سياسي لبناني لـ "الحرة" إلى أن النقاشات تدور حول الآليات والضمانات التي يجب أن تُتخذ لضمان تنفيذ القرار دون الحاجة لإصدار قرار دولي جديد أو تعديل نص القرار القائم. وتشمل هذه الآليات تعزيز الأمن على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، بما في ذلك تركيب أبراج مراقبة ومعدات تقنية، فضلاً عن الدعم اللوجستي والتدريبي من دول أجنبية.من جانب آخر، اعتبر النائب السابق فارس سعيد، أن المقترح الأميركي قد حصل على "توافق أميركي-إسرائيلي"، مستندًا إلى لقاء سابق بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب في البيت الأبيض. وأضاف سعيد أن هذا التوافق قد يكون قد ساعد في تسريع هذه المبادرة.وعلى الأرض، تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية ضد حزب الله في جنوب لبنان، حيث شنت في نهاية أيلول حملة هجومية واسعة النطاق بعد تبادل عمليات قتالية على الحدود خلال العام الماضي، وذلك عقب حرب غزة. وتؤكد إسرائيل أن الهدف من الحملة هو ضمان عودة عشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين اضطروا إلى مغادرة شمال إسرائيل بسبب الهجمات المتكررة. وفي الوقت نفسه، تسببت الحملة العسكرية الإسرائيلية في نزوح أكثر من مليون لبناني من منازلهم، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.