مع تزايد التوقعات العالمية بشأن تأثير عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على ملفات الشرق الأوسط، يتزايد الحديث عن إمكانية إبرام "صفقة كبرى" قد تعيد تشكيل المشهد الإقليمي بشكل جذري.
في هذا السياق، استضافت "سكاي نيوز عربية" مجموعة من الخبراء والمحللين لتقديم رؤاهم حول هذه القضية المعقدة.
في بداية النقاش، تم التطرق إلى تصريحات ترامب الأخيرة التي أبدى فيها التزامه بإحلال السلام في الشرق الأوسط عبر صفقة كبرى. إلا أن أحمد الشهري، رئيس منتدى الخبرة السعودي، أشار إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب رؤية أكثر شمولية، قائلاً: "ترامب يتمتع بأسلوب مختلف، لكنه يحتاج إلى فهم ديناميكيات المنطقة بشكل أعمق. نجاح الصفقة يتوقف على تحقيق توازن بين الحقوق الفلسطينية والتطلعات الإسرائيلية".
وأضاف الشهري، أن المملكة العربية السعودية، كونها لاعبًا أساسيًا في المنطقة، لن تدعم أي اتفاق لا يضمن حقوق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة على حدود 1967.
من جانب آخر، ناقش يوسي يونا، عضو الكنيست الإسرائيلي السابق، التحديات الداخلية التي تواجه الحكومة الإسرائيلية في ما يتعلق بالسلام. وأوضح يونا، أن "إسرائيل تعاني من انقسامات داخلية، حيث يرفض التيار اليميني أي تنازلات للفلسطينيين، مما يجعل من الصعب على الحكومة اتخاذ خطوات جدية نحو السلام".
وأضاف أنه يجب أن تأخذ أي خطة أميركية في المستقبل بعين الاعتبار هذه الانقسامات، مع التأكيد على ضرورة حماية المصالح الأمنية لإسرائيل.
كما تم التطرق إلى دور إيران في جهود التسوية في المنطقة. حيث أكد الشهري أن تقليص نفوذ طهران يعد أحد التحديات الرئيسية، خاصة في ظل تدخلاتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن. وقال: "التطبيع مع إيران هو جزء من الحل، لكن ذلك يتطلب التزامًا حقيقيًا من طهران بعدم التدخل في شؤون الدول العربية".
في المقابل، حذر يونا من أن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي إذا استمرت إيران في تطوير برنامجها النووي، مشيرًا إلى أن الملف النووي الإيراني سيكون على رأس أولويات أي مفاوضات إقليمية.
من واشنطن، أضاف مسعود معلوف، الدبلوماسي السابق، أن ترامب يواجه تحديات داخلية وخارجية كبيرة. وقال: "الإدارة الأميركية الجديدة بحاجة إلى استراتيجية متوازنة. لقد أثبت ترامب في السابق أنه قادر على تحقيق إنجازات دبلوماسية، لكن الوضع الحالي أكثر تعقيدًا".
وأضاف معلوف أن توسيع اتفاقيات إبراهيم قد يكون جزءًا من خطة ترامب، لكنه أكد أن ذلك يتطلب تقديم ضمانات ملموسة للفلسطينيين.
وتطرق النقاش إلى العوائق التي قد تواجه "الصفقة الكبرى"، حيث أشار الضيوف إلى ضعف الثقة بين الأطراف المتنازعة، بالإضافة إلى التدخلات الإقليمية والدولية. وأكد الشهري أن النجاح في هذا السياق يتطلب إرادة حقيقية من المجتمع الدولي لدعم جهود السلام وضمان مشاركة الأطراف كافة بشكل عادل.
اختتم النقاش بتساؤل حول مدى قدرة ترامب على تحقيق وعوده في هذه الظروف الإقليمية المعقدة. واتفقت الآراء على أن أي صفقة مستقبلية تتطلب توافقًا دوليًا وإقليميًا لتحقيق السلام في منطقة عانت طويلًا من الصراعات.
وفي هذا السياق، أضاف الشهري: "الصفقة الكبرى لن تكون سهلة، لكنها قد تكون نقطة تحول إذا تم تنفيذها بحكمة وبمشاركة جميع الأطراف". فيما أشار معلوف إلى أن "الشرق الأوسط يحتاج إلى قيادة أميركية حازمة، ولكن دون تجاهل حقوق الشعوب ومتطلبات الاستقرار طويل الأمد".
يبدو أن الشرق الأوسط يقف على أعتاب مرحلة جديدة مع عودة ترامب إلى المشهد السياسي. ورغم التحديات العديدة التي قد يواجهها، تبقى الآمال معقودة على رؤية متوازنة تسهم في إنهاء الأزمات وفتح صفحة جديدة من الاستقرار والتنمية.