نالت حكومة الرئيس نواف سلام الثقة في مجلس النواب بأكثرية 95 صوتا، وإنقلبت كل الكتل النيابية المعارضة الى موالاة، إما لتحقيقها مكاسب سياسية بحصص وزارية، وإما بضغط دولي، بإستثناء التيار الوطني الحر الذي يغرد وحيدا كونه لم يترك له حليفا أو صديقا.


الثقة الوازنة حمّلت حكومة سلام مسؤوليات جسام، فهي نالت تأييدا وطنيا قل نظيره، وحصلت على دعم أميركي معطوفا على مباركة المجتمع الدولي، وهي حكومة العهد الأولى التي يفترض أن تبدأ بتسيير القطار نحو بر الأمان، بعدما عملت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على إيقاف إنزلاقه نحو الإرتطام الكبير ورفعه من الهاوية وإعادته الى السكة الصحيحة، وبالتالي، لم يعد هناك أي مبرر أو عذر لحكومة سلام في عدم الانتاجية أو في المماطلة أو التقصير في القيام بواجباتها بتحقيق تطلعات اللبنانيين.


ولعل أكبر التحديات التي تواجهها حكومة سلام هي تحرير الأرض اللبنانية من رجس الاحتلال الاسرائيلي ووقف الاعتداءات والخروقات والانتهاكات الصهيونية التي لم تتوقف منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني الماضي، وهي إزدادت بشكل مضطرد في الآونة الأخيرة بشكل لم يعد يحتمل، خصوصا أن المقاومة ما تزال تلتزم بهذا الاتفاق، وحزب الله وعلى لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم أعطى الدولة المساحة الكاملة للقيام بالاتصالات الدولية والدبلوماسية لتأمين هذا الانسحاب، وقد جدد هذا التأكيد النائب محمد رعد في كلمته بمجلس النواب ومنح بإسم كتلة “الوفاء للمقاومة” الثقة لحكومة سلام وفقا لهذا المعطى الايجابي.


وفي الوقت الذي يشدّ فيه الرئيس سلام ظهره بالدعم الأميركي والدولي، ويتعاطى مع بعض الكتل النيابية بلامبالاة، ويتحدث معظم الأحيان بطريقة إستعلائية، كانت هدية الولايات المتحدة له على نيل حكومته الثقة بعد يوم واحد، هي “إعطاء إسرائيل الضوء الأخضر للبقاء في النقاط الخمس من دون تحديد مهلة زمنية للإنسحاب”، بحسب ما أعلن وزير الحرب الاسرائيلي يسرائيل كاتس، الأمر الذي من شأنه أن يطوّق حكومة سلام قبل أن تنطلق، وأن يحول دون تنفيذ أهم وأبرز بند في البيان الوزاري وهو إنسحاب إسرائيل وإلزامها بتطبيق القرار 1701، وأن يعطل بند حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، خصوصا أن ميثاق الأمم المتحدة الذي يعرفه سلام حق المعرفة يشرّع المقاومة لأي شعب يرزح تحت الاحتلال، وما أعلنه كاتس ودعمته أميركا بات يعتبر إحتلالا موصوفا لأرض لبنان، وهو عاجلا أم آجلا سيواجه بمقاومة شعبية لا تخرق القرار 1701 وقد لا يكون لها علاقة بالمقاومة المركزية التي ستنتظر ما ستفضي إليه إتصالات حكومة سلام الدبلوماسية.


واللافت، أن كلام كاتس أمس عن بقاء إسرائيل في النقاط الخمس، وما تلاه من عدوان على البقاع وخروقات في الجنوب، لم يحرك ساكنا لدى الحكومة المكللة بالثقة الوطنية، فلم يصدر عن رئيسها أي بيان شجب وإستنكار، ولم يطلب من وزير خارجيته التواصل مع مجلس الأمن، أما المعارضة السيادية التي إنقلبت بسحر الحصص الوزارية الى الموالاة فما زالت تُنظّر لسحب سلاح المقاومة متجاوزة كل الغطرسة الاسرائيلية وعدوانيتها، ربما لأنها مدعومة من ولي الأمر الأميركي.


لا شك في أن مفتاح أبواب العمل والإنتاج لحكومة الرئيس سلام موجود في جنوب لبنان وفي أرضه المحتلة، فإما أن يحصل عليه في حال نجاحه في الضغط الذي وعد بممارسته لإنسحاب إسرائيل، وإلا فإن حكومته لن تقوم لها قائمة!..




Related Posts

  1. بقاء الاحتلال وإستمرار الإعتداءات يُربك السلطة!.. غسان ريفي
  2. خديعة أميركية للبنان.. إسرائيل لن تنسحب!.. غسان ريفي
  3. خصوم المقاومة.. صدمة وتناقض!.. غسان ريفي




The post هدية أميركية لحكومة سلام.. ضوء أخضر لإسرائيل للبقاء في النقاط الخمس!.. غسان ريفي appeared first on .