- محمد المدنيأمّا وقد نالت حكومة الرئيس نواف سلام ثقة المجلس النيابي بمعدل 95 صوتاً من أصل 128، وبما أن كلمات النواب خلال جلسة "الثقة" اختلفت بين حزبٍ وآخر وكتلةٍ وأخرى ونائبٍ وآخر، بدا لافتاً أن كل جهة تريد أو أرادت من الحكومة ما يتناسب مع هدفها السياسي..تضمّ حكومة الرئيس سلام خليطاً من القوى السياسية التي قد تمنع الحكومة من تحقيق ما أعلنت عنه في بيانها الوزاري، والإختلاف السياسي داخل الحكومة وخارجها يجعلها مليئة بالألغام التي قد تنفجر في أي لحظة. فعلى طول البيان الوزاري وبنوده السياسية والإقتصادية والإجتماعية، جلّ ما يريده حزب "القوات اللبنانية" ومعه الكتائب هو تحقيق بند تسليم سلاح "حزب الله" إلى الدول اللبنانية، والحزبان مهتمان بالبنود الأخرى لكن ليس بنفس القدر مع بند حقّ الدولة في احتكار حمل السلاح.أمّا الحزب التقدمي الاشتراكي، فقد نجح في احتكار التمثيل الدرزي في مجلس الوزراء، وفاز سياسياً وشعبياً كونه كان عراب وصول الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام إلى السلطة والذي ترافق مع زخم شعبي استفاد منه وليد جنبلاط داخل بيئته والذي لن يعارض الرئيسين مطلقاً طالما أنه يضع حزبه دائماً في صندوق "التوافق الوطني".أمّا وزراء الرئيس نواف سلام، فهم أيضاً مع تحقيق بند تسليم سلاح الحزب، إضافة إلى أنهم يمثلون رئيس الحكومة الذي يسعى إلى "تقريش" وصوله إلى السراي بالسياسة، ولديه ما يكفي من الأجندات السياسية والإقتصادية والإجتماعية على المستويين الوطني والسنّي، فهو يمثل قوى التغيير من جهة والطائفة السنّية من جهة أخرى، ولم يعد خافياً على أحد أن سلام سيسعى مع وزرائه إلى تكوين سلطة جديدة مختلفة عن السلطة السابقة التي تمثلت بالرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي، وهذا ما ظهر خلال تأليف الحكومة وسيظهر لاحقاً حين يأتي موعد التعيينات.إلى رئيس الجمهورية والوزراء المحسوبين عليه، فهم مع الرئيس وله، وسيكونون صوته داخل مجلس الوزراء في جميع الملفات الأساسية وفي طليعتها ملف السلاح وتطبيق القرار 1701 رغم أن وزنهم لا يعادل قوة وحجم كتلة رئيس الحكومة وقدرتها على التأثير.أمّا الثنائي الشيعي فقد نال ما أراد من الحكومة عبر حفاظه على وزارة المال، والمشاركة في تسمية الوزير الشيعي الخامس.********* يبقى أن تطبيق القرار 1701 قد يفجر أزمة داخل مجلس الوزراء في حال عدم موافقة الحزب على تسليم سلاحه، شمال الليطاني وجنوبه. لكن الثنائي سيختبر لأول مرة منذ سنوات وجوده الى طاولة مجلس الوزراء حيث له وجود نوعي صحيح، لكن هذا الوجود مجرد من ثلث معطل بغياب حلفائه وقد لا يكون بإمكانه هذه المرة استعمال ورقة استقالة الوزراء الشيعة كما فعل بالسايق.إبتداءً من الامس، بدأ عدّاد الحكومة بالدوران والجميع لها بالمرصاد لما حمل هذا العهد وهذه الحكومة بشخص رئيسها ووزرائها من آمال لدى اللبنانيين وفترة السماح التي يحقّ بها لأي حكومة جديدة، لن تكون طويلة هذه المرّة، لان هذه الحكومة تأتي بعد فترة فراغ وشلل طويلين، وهي لا تحمل على عاتقها مجرد إنجازات عادية كما لكل حكومة، بل هي تحمل تحديداً مسؤولية تحقيق إنجاز غير مسبوق بالتأكيد أن لبنان انتقل فعلاً إلى عصر جديد بعد الأحداث الاخيرة، أم أنه سيبقى في وضعية المراوحة والفشل وسيظلّ عصيًاً على كل الظروف والتحولات.