بدا البيان المقتضب الذي أصدره "حزب الله"، الأربعاء، ويتحدث فيه عن لقاء أمينه العام نعيم قاسم، بالمسؤولين الايرانيين قبل سفرهم الى طهران، الإعلان الرسمي الأول من الحزب عن موقع إقامة أمينه العام، من دون الإشارة الى التسريبات والتقديرات السابقة.
فمنذ تعيينه أميناً عاماً للحزب، في تشرين الأول/اكتوبر الماضي، انتشرت معلومات في مواقع التواصل ووسائل الاعلام، تتحدث عن نقل مقر إقامة قاسم الى إيران، بغرض حمايته من الاغتيال الاسرائيلي. وعززت إسرائيل تلك الفرضية بإصدار تهديدات بحق قاسم، وتقديرات إعلامية إسرائيلية بأنه يقيم في إيران وليس في لبنان.
وأعلن الحزب في بيان الأربعاء، أن أمينه العام أجرى مباحثات مع وزير خارجية إيران عباس عراقجي ورئيس برلمانها محمد باقر ‏قاليباف، تناولت مستجدات لبنانية وخارجية. وأفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" الرسمية، بأنه خلال اللقاء، الذي حضره السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني، "تم عرض آخر المستجدات على ‏الساحات المحلية والإقليمية والدولية"، من دون تقديم مزيد من تفاصيل.
ترتيبات أمنية خاصة
قبل أيلول 2024، كانت هذه اللقاءات تُعقد بشكل روتيني مع الأمين العام الراحل حسن نصرالله، ضمن إطار أمني مشدد، إذ كان يُعلن عن اللقاءات بعد عقدها. إلا أن الإعلان عن اللقاء الذي جمع قاسم بالوفد الإيراني يحمل معاني مختلفة، لا سيما في ظل الترتيبات الأمنية الخاصة حول مكان وجوده.
ويحمل البيان ثلاث تفسيرات، بعد الادعاءات عن انتقال قاسم إلى إيران. يتمثل الأول في الاعتبار الأمني، إذ رأى البعض أن الحزب ربما اتخذ هذه الخطوة كإجراء وقائي، لا سيما بعد الاختراقات الأمنية التي تعرض لها، والتي أسفرت عن اغتيال خليفة نصرالله، هاشم صفي الدين، بعد أيام معدودة من اغتيال نصرالله. وعليه، فإن الحديث عن نقل قاسم إلى إيران، ربما كان بهدف ضمان سلامته في بيئة أكثر أماناً.
من جهة ثانية، يتمثل التفسير الثاني في الحرب النفسية، إذ اعتبر فريق آخر أن هذه المزاعم بدت جزءاً من استراتيجية إعلامية تستهدف إضعاف معنويات عناصر الحزب وأنصاره، من خلال الإيحاء بأن قيادته المركزية باتت خارج لبنان، وهو ما يُعد مؤشراً على ضعف الحزب في سياق الحروب النفسية. ولذلك، يتم التأكيد اليوم على أنه في لبنان.
أما التفسير الثالث، فيدور حول الأولويات الميدانية والسياسية. ورأى البعض أن الحزب لم يكترث للرد على أنباء نقل أمينه العام الى إيران، بسبب انشغاله آنذاك بقضايا أكثر إلحاحاً، سواء على الصعيد العسكري أو السياسي، في ظل الحرب على الحزب والمخاوف الأمنية من كشف تفاصيل ومعلومات.
أبعاد لقاء قاسم بالوفد الإيراني
مع الإعلان عن هذا اللقاء، بدا واضحاً أن حزب الله أراد توجيه رسالة مفادها أن أمينه العام يقيم في لبنان، من دون نفي المزاعم حول مغادرته البلاد في وقت سابق، وأنه ما زال يتولى مسؤولياته القيادية من الداخل، رغم الأوضاع الأمنية المعقدة. ويرى أنصار الرأي القائل بأن قاسم لم يغادر لبنان، أنه من غير الواقعي إعادة قاسم من إيران إلى بيروت بعد الحرب، عبر مطار بيروت، من دون انكشاف ذلك، خصوصاً في ظل سقوط نظام الأسد، واستمرار التهديدات الإسرائيلية، وإغلاق المجال الجوي أمام الطائرات الإيرانية.
تشديد الحماية الأمنية حول قاسم
في بيروت، حيث بات محسوماً أن قاسم موجود فيها، تقول مصادر مقربة من الحزب، إن الشيخ نعيم قاسم أصبح يخضع لإجراءات أمنية صارمة مماثلة لتلك التي كانت مفروضة على نصرالله، إذ تقلصت دائرة تواصله إلى مجموعة محدودة للغاية، ووُضعت ضوابط دقيقة لتحركاته ونشاطاته، من دون ظهور علني له، بما في ذلك تشييع نصرالله حي شارك بكلمته المبثوثة عبر شاشة كبيرة. ذلك على عكس الفترة عندما شغل منصب نائب الأمين العام، وكان يتمتع بحرية حركة أكبر، ويستقبل وفوداً سياسية واجتماعية، كما دأب على المشاركة شخصياً في الفعاليات والمناسبات.