حملت زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الى المملكة العربية السعودية ولقائه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سلسلة من الاشارات الايجابية، لجهة إلتزام لبنان بعلاقاته التاريخية مع المملكة وحرصه على بناء جسور التعاون والتنسيق معها، وهذا ما دفع الرئيس عون الى تخصيص زيارته الرسمية الأولى بعد إنتخابه اليها، ولجهة عودة السعودية لتلعب دورها المحوري في لبنان من خلال دعمه وإحتضانه، ومساعدته على تجاوز أزماته لا سيما الاقتصادية والاجتماعية منها.
ولا شك في أن لبنان حرص خلال الفترة الماضية على تطمين المملكة العربية السعودية لجهة ضبط الحدود توقيف شبكات التهريب ومصادرة كميات من المخدرات كانت معدة للتصدير إليها والى دول الخليج ما دفع وزارة الخارجية السعودية الى إصدار بيان إشادة برئيس الحكومة آنذاك نجيب ميقاتي الذي عكس لقاءه الأخير مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في القمة العربية الاسلامية التي إستضافتها الرياض أجواء مريحة حول العلاقات الثنائية، تُرجمت بتحرك سعودي ناشط ضمن اللجنة الخماسية وإرسال الموفد الأمير يزيد بن فرحان الذي أبلغ عدد كبير من النواب رغبة المملكة بإنتخاب العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية وقد لبى النواب هذه الرغبة.
وبالرغم من النجاح الذي حققته زيارة الرئيس عون الى السعودية من حيث الشكل، فإنها في المضمون لم تكن نتائجها العملية بحجم التوقعات، ربما بسبب بعض الأصوات الاعلامية المقربة من قصر بعبدا أو من المملكة والتي بالغت في بث الأجواء التفاؤلية قبل الزيارة، لا سيما على صعيد تقديم السعودية “الهدايا” للبنان عبر رئيس الجمهورية، أو ربما لأن السعودية ما تزال تنتظر تغييرات ملموسة في الداخل اللبناني على صعيد الاصلاحات المالية وتطبيق القرارات الدولية كما جاء في البيان المشترك الذي صدر عقب الزيارة.
وفي الوقت الذي كان فيه كثير من اللبنانيين يتوقعون أو يمنّون النفس أن تبادر السعودية الى تقديم ثلاث هدايا فورية الى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون قوامها: أولا، رفع الحظر عن تصدير المنتوجات اللبنانية الى السعودية، وثانيا، رفع الحظر عن سفر السعوديين الى لبنان، وثالثا، الافراج عن الموقوفين اللبنانيين في السجون السعودية لا سيما أولئك الذين تم توقيع قرارات إخلاء سبيلهم قبل فترة، خصوصا أن هذه الأمور مقدور عليها ويمكن البت فيها سريعا، وهي تترجم في الوقت عينه الحديث المتنامي عن الدعم السعودي للعهد الجديد.
لكن ما جاء في البيان المشترك خالف كل التوقعات والأمنيات حيث تضمن إتفاق الجانبين على البدء بدراسة المعوّقات الّتي تواجه استئناف التّصدير من لبنان إلى السّعوديّة، والإجراءات اللّازمة للسّماح للمواطنين السّعوديّين بالسّفر إلى لبنان”، وهو أمر قد يحتاج الى مزيد من الوقت بينما يحتاج لبنان من قيادة المملكة الى صدمة سعودية إيجابية سريعة تترجم عودتها الى لبنان ودعمها وإحتضانها له.
أما لجهة ما جاء في البيان حول أهمية تطبيق خطاب القسم الرئاسي ومضامين البيان الوزاري، وإتفاق الطائف والقرارات الدولية الداعية الى بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية وحصر السلاح بيد الدولة والتشديد على الدور الوطني للجيش وأهمية دعمه وضرورة إنسحاب جيش الاحتلال الاسرائيلي من الأراضي اللبنانية كافة، فضلا عن تعافي الاقتصاد اللبناني وتجاوزه لأزمته الحالية والبدء في الاصلاحات المطلوبة دوليا وفق مبادئ الشفافية والقوانين الملزمة، هي كلها كلمات وعبارات متشابهة مع كل البيانات التي صدرت سابقا أو تصدر حاليا من قبل الدول المعنية أو المهتمة بلبنان الذي يحتاج من كل الدول الراعية الى خطوات عملية تبدأ من إعادة إعمار ما دمره العدو الاسرائيلي الى النهوض الاقتصادي المنشود.
The post لبنان يحتاج الى صدمة سعودية إيجابية!.. غسان ريفي appeared first on .