بعد هروب بشار الأسد إلى موسكو، تثار تساؤلات حول مصير العديد من الضباط الكبار الذين كانوا يشكلون القوة الضاربة لنظامه طوال عقود. هؤلاء الضباط الذين كانوا يشرفون على العمليات العسكرية ضد معارضي النظام، اختفوا فجأة بعد انهيار النظام.
من أبرز هؤلاء الضباط: علي مملوك مستشار الرئيس لشؤون الأمن الوطني، وعلي محمود عباس وزير الدفاع السابق، وعبد الكريم محمود إبراهيم رئيس "هيئة الأركان العامة"، وكفاح ملحم رئيس "مكتب الأمن الوطني"، بالإضافة إلى قحطان خليل رئيس شعبة "المخابرات العسكرية"، ومنذر سعد إبراهيم رئيس "هيئة العمليات"، وسهيل نديم عباس مدير إدارة العمليات في جيش الأسد.
وقد اختفى أيضًا ضباط كبار مثل غسان إسكندر طراف قائد "الحرس الجمهوري"، وسهيل فياض أسعد قائد الفيلق الأول، ومحمد خليف المحمد قائد الفيلق الثاني، وأحمد يوسف معلا قائد الفيلق الثالث، إلى جانب آخرين.
بحسب الباحث في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، محسن المصطفى، فإن بعض هؤلاء الضباط فروا إلى روسيا أو ليبيا، بينما لجأ آخرون إلى العراق أو لبنان أو مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).
ويعتقد المصطفى أن هؤلاء الضباط لا يشكلون تهديدًا كبيرًا في الوقت الحالي، إلا أن الخطر قد يتصاعد مع تطور الأحداث، خاصة في مناطق الساحل وأرياف حمص وحماة، حيث يتم تضخيم العمليات الأمنية على أنها استهداف للطائفة العلوية رغم أنها تستهدف فلول النظام بغض النظر عن الطائفة.
ورغم الهروب الواسع للضباط، يعتقد الباحث السوري نوار شعبان أن هؤلاء الضباط قد يحاولون إعادة ترتيب صفوفهم في المستقبل، مما قد يشكل تهديدًا طويل المدى.
هناك ثلاثة سيناريوهات يمكن أن تجعل هؤلاء الضباط يشكلون تهديدًا ملموسًا لسوريا الجديدة:
"في حال تمكن هؤلاء الضباط من الحصول على دعم من أطراف إقليمية أو دولية، مثل إيران أو بعض الجماعات المتحالفة معها، قد يشكلون تهديدًا. لذلك، من الضروري تقليص هذه الروابط بتشديد الدوريات على الحدود.
في حال استمر عدم الاستقرار في سوريا الجديدة، قد يسعى فلول النظام إلى استغلال الفوضى لتنفيذ عمليات انتقامية أو زعزعة استقرار الحكومة الجديدة.
قد يستغل هؤلاء الضباط الحساسية الطائفية والمناطقية، خاصة في الساحل السوري، للتجنيد أو إثارة اضطرابات محلية".
ويمكن تقليص خطر هؤلاء الضباط المتوارين عن الأنظار من خلال عدة إجراءات حازمة، مثل تعزيز السيطرة على الحدود لمنع أي خطوط إمداد، وتكثيف العمل الاستخباراتي، وتعزيز المصالحة الوطنية لتطمين مختلف مكونات الشعب السوري.
إذا نجحت سوريا الجديدة في هذه الجوانب، فإن خطر هؤلاء الضباط سيقل بشكل كبير، وسيقتصر على محاولات محدودة لإرباك الأمن دون تأثير استراتيجي فعلي.