سألني كثيرون بعد مقالي الأول على هذه الصفحة: كيف يمكن أن نخسر؟ فقلت: الجواب سهل وصعب في آن معاً. وأفسر هنا الجواب السهل، إذا:
- اقتنعنا أنه يجب أن نتعلّم من تجاربنا، وأن مسيرة الإنقاذ مسؤولية جميع المكونات في بلدنا الواحد.
- أكدنا إصرارنا على الالتزام بالقرار 1701 والاتفاق الذي وقّع لوقف إطلاق النار. الدولة تبسط سلطتها على كل الأراضي اللبنانية والسلاح في يدها فقط. وهذا وارد في الطائف، والاتفاق الأخير وخطاب القسم والبيان الوزاري .- رفعنا الصوت معاً ضد الاحتلال الإسرائيلي المستمر وأعماله العدوانية، وسخّرنا كل الجهود والإمكانات في كل مواقفنا ومواقعنا، لممارسة الضغط الفعلي المطلوب لردع إسرائيل وتحرير الأرض وحماية سيادة البلد.- أكّدنا التزامنا باتفاق الهدنة مع إسرائيل بعد تحرير الأرض وترسيم الحدود، وبنهائية الكيان وانتمائه العربي ووحدة أرضه. وهذا يتنافى مع أي دعوة إلى الفيدرالية أو التقسيم.- إذا تمعّنا بما يجري في سوريا من اهتزازات أمنية خطيرة، وتوسّع إسرائيلي أخطر واحتلال المزيد من الأراضي، وتهديدها وحدة سوريا من خلال التحريض المذهبي والطائفي وادعائها بحماية الأقليات، واقتنعنا أن ثمة تداعيات كبيرة لذلك على وضعنا الداخلي، من نزوح إضافي، وقيام ردود فعل في أكثر من منطقة لبنانية، مما يستوجب مضاعفة الجهود المشتركة بين الدولة ومؤسساتها وكل المكونات، لمواجهة محاولة الإطباق الاسرائيلية على البلد من الجنوب ومن الخاصرة السورية أيضاً.- إذا اقتنعنا بأن الهموم الاقتصادية المالية الاجتماعية واحدة، تؤلم كل اللبنانيين، وينبغي أن تكون الجهود واحدة في مواجهتها من خلال الحكومة والقوى السياسية الفاعلة، وتحمّل بعض الإجراءات أو العمليات الجراحية الصعبة المؤلمة في هذا الطريق، في مجالات وقطاعات مختلفة، تكون مبنية على رؤى وخطط واضحة.- إذا أيقنّا أن لا مساعدات من أية جهة خارجية لإعادة الإعمار أو نهوض الدولة، إلا إذا أقرّ لبنان إصلاحات، مع التأكيد على أن هذه المسألة سيادية بامتياز. لماذا؟ لأننا إذا قبلنا لأنفسنا أن لا نتقدم خطوة إلى الأمام، وألا نفتح باب الإصلاح الحقيقي، وهو عمل واجب يومياً لتطوير البلد، فكيف بعد حالة الانهيار والدمار المرعبة التي وصلنا إليها، إلا تحت الوعيد والتهديد والإهانات المستمرة من الخارج، فهذه إساءة خطيرة جداً للكرامة والسيادة اللبنانية وأمانة المسؤولية وللشعب اللبناني.
- إذا التزمنا بهذه القناعات، نذهب إلى طاولة حوار برئاسة رئيس الجمهورية، تطرح فيه كل الهواجس والمخاوف والتحديات، فنناقش بعضنا بصراحة، ويتحمل كل منا مسؤوليته أمام الناس قولاً وفعلاً.
- إذا فعلنا ذلك، نخرج بصوت واحد يطالب كل الدول المعنية بالاتفاقات المرتقبة معها ومع المؤسسات الدولية، والراغبة في مساعدة لبنان، لتبادر فوراً إلى ترجمة مواقفها دعماً سريعاً للبلد، لتبدأ مسيرة الخروج من النفق الذي نحن فيه.هذه عناوين الجواب السهل، وأعرف أن فيها تكراراً لأمور سبق وأشرت إليها. أما الجواب الصعب فهو يختصر بالتالي:
- أن يستمر بعضنا في المكابرة وخطاب التخوين والانتقام وتصفية الحساب، والرهان على أطراف خارجية من هنا أو هناك للاستقواء بها، والدعوة إلى الإقصاء أو الإلغاء أو العزل. وقد جرّبنا كل ذلك كما ذكرت سابقاً، والنتائج معروفة. لذا، فإن الجواب ليس صعباً فقط بل مقلق، لأننا لن نرى قيامة طبيعية آمنة للبنان.
فهل ثمة أخطر من ذلك؟ شخصياً لست كثير التفاؤل كي لا أقول أنني كثير التشاؤم!