بات موظّفو شركتيّ الخليوي تاتش وألفا على موعد سنوي مع حملة رفض للمسّ بحقوقهم المكتسبة في عقد العمل الجماعي، إذ شهدت السنوات السابقة محاولات لإجراء تعديل سلبيّ في الحقوق، لا سيّما لجهة عدم تصحيح ودفع الرواتب تناسباً مع تغيير سعر صرف الدولار في السوق، وكذلك لجهة الحفاظ على مستوى معيّن من التغطية الصحية. وشهدت العلاقة بين الموظّفين من جهة ووزراء الاتصالات المتعاقبين من جهة أخرى، تشنّجات أفضت مرّات عديدة إلى إعلان الموظّفين عن وقفات احتجاجية واعتصامات وتوقّفٍ عن العمل، الأمر الذي أثَّرَ مراراً على خدمات شركتيّ الخليوي خصوصاً لجهة تردّي خدمات الاتصالات والانترنت وتضاؤل توفير كميات كافية من بطاقات التشريج مسبقة الدفع في السوق. (راجع المدن)
واليوم، يفتح مشروع قانون موازنة العام 2025، صفحة جديدة من صفحات الإشكال مع موظّفي الشركتين، عبر المَسّ بالتغطية الصحية للموظّفين.
إشكالية المادة 49اعتراضاً على المسّ بحقوقهم، لا سيما احتجاجاً على المادة التاسعة والأربعين من مشروع قانون موازنة العام 2025 المتعلّقة بإيقاف الطبابة الصحية، نفّذت نقابة موظّفي شركتيّ الخليوي تاتش وألفا، وقفة احتجاجية أمام مبنيَي الشركتين، مؤكّدين رفضهم المسّ بالتأمين الصحّي وبأيّ من الحقوق المكتسبة. وكانت النقابة قد دعت إلى الوقفة الاحتجاجية ببيان رأى فيه أنّ الموظّفين كانوا دائماً "رمزاً للتفاني". وتوجّهت النقابة بالقول للموظّفين "كنتم دائماً فخراً يتغنّى الجميع بإنجازاتكم التي رفعت قطاع الخلوي عالياً وحافظت عليه في أحلك الظروف". وأكّدت أنّ "حقوقكم المكتسبة خصوصاً التأمين الصحي، هو حق مكتسب منذ تأسيس الشركات وخط أحمر، ومن يريد أن يمسّ به سيواجَه بإصرار وتصميم بكل الوسائل القانونية المتاحة".وبالتوازي، سارَعَ وزير الاتصالات شارل الحاج إلى الاجتماع بمدراء الشركتين، طالباً منهم "طمأنة الموظّفين بأنّه لا داعي للخوف على التأمين الصحي الذي تغطي الشركتان كلفته"، وأكّد أنّه "طلبَ من وزارة المالية حذف المادة التاسعة والأربعين من مشروع قانون الموازنة".وانطلقَ الحاج في موقفه هذا، من أنّ "المنحى الواجب اتّخاذه، هو حماية الحقوق الاجتماعية وتعزيزها لجميع اللبنانيين، وتأمين الدّخل العادل لموظّفي القطاع العام كي يبقى جاذباً للنّخب والكوادر اللبنانية".علماً أنّ المادّة التي سبّبت هذه الإشكالية، حملت عنوان "منع دفع نفقات للتأمين الإلزامي ولفروفات الاشتراكات للضمان الاجتماعي"، ونصَّت على أنّه "خلافاً لأيّ نصّ آخر عام أو خاص، يمنع على جميع المؤسسات العامة والبلديات واتحادات البلديات والهيئات والمجالس والصناديق والمصالح المستقلّة والمصارف والشركات وأشخاص القانون العام، على مختلف أنواعها وتسمياتها، المموّلة أو المملوكة كلياً أو جزئياً من الدولة، بما فيها تلك التي تدير أو تستثمر أو تشغّل مرفقاً عاماً أو مالاً عاماً، كلياً أو جزئياً، أن تدفع بدل تأمين لموظفيها لتغطية الفروقات عن ما يغطيه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي".
لا عودة للوراءرحَّبَت نقابة الموظّفين بقرار وزير الاتصالات، واعتبرَ رئيس النقابة نبيل يوسف، أنّ "القرار مُطَمِئن". وأضاف في حديث لـ"المدن"، أنّه "في الأصل لم تكن المشكلة مع الوزير الحاج، إذ ليس هو المسؤول عن هذه المادة، بل على العكس، كنّا واثقين أنّه مع مصلحة الموظّفين وحقوقهم". وحَمَّلَ يوسف "الوزارة السابقة" مسؤولية إدراج المادة التاسعة والأربعين داخل مشروع الموازنة. وبرأيه، هذه المادة "أُسقِطَت في هذه الموازنة، فهي لم تكن موجودة في الموازنات السابقة".وأكّدَ يوسف أنّه "لا يمكن اتخاذ مثل هذه القرارات، لا سيّما وأنّ قطاع الخليوي هو قطاع حيوي ومُنتِج، ولا يمكن للموظّفين أن يكونوا بلا تأمين صحّي، خصوصاً وأنّ التأمين موجود من قبل، ولا يجوز أن يُقال للموظّف فجأة إنّه بات بلا تأمين". وبالنسبة ليوسف فإنّ "عقد العمل الجماعي واضح، وأي تعديل عليه يجب أن يُحَسِّن من مكتسبات الموظّفين لا أن يقلّصها، وبالتالي لا عودة إلى الوراء في مسألة التأمين الصحي". وكَشَفَ أنّه "كان هناك محاولة لإدخالنا بزواريب، ونحن سلّطنا الضوء على الموضوع كي لا تقع الواقعة ويقول أحدهم أنّنا لم نتكلّم، وما قام به الوزير هو أمرٌ إيجابي".الإيجابية التي تلقّفها الموظّفون اليوم من وزير الاتصالات، يُبنى عليها لإشاعة جوّ من الهدوء في قطاع الخليوي، على عكس المرحلة السابقة التي وصلَ الاحتقان خلالها بين الموظّفين والوزارة، إلى مرحلة أعلن فيها الوزير السابق جوني القرم أنّ "الإضراب لا يطعم خبزاً"، في حين رَفَعَ الموظّفون السقف، وحسموا خيارهم بأنّهم "ذاهبون نحو الأسوأ". (راجع المدن)