انتشر مقطع فيديو مؤلم يوثق لحظة مروعة تظهر فيها أمّ سورية واقفة أمام جثث أولادها الذين قتلوا على أيدي فصائل متشددة في الساحل السوري.
وأظهر الفيديو الذي قام المجرمون بتصويره، الأمّ وهي في حالة من الصدمة، وسط سيل من الإهانات والاتهامات لها ولأولادها بالخيانة، لترد عليهم: "لسنا خائنين"، قبل أن تدعو الله للانتقام ممّن تسببوا في مأساتها. وجاء رد أحد المسلحين قائلاً: "أنتم علويون خائنون"، قبل أن يسألها: "هل هؤلاء أولادك؟"، وعندما أكدت ذلك، أجابها بلهجة ساخرة: "إذن خذيهم الآن... أردتم الانقلاب على السنّة بعدما وثقنا بكم لكنكم خنتم هذه الثقة!".المشهد القاسي الذي تجسدت فيه فجيعة الأم، أثار موجة غضب واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر السوريون من مختلف الأطياف عن صدمتهم واستيائهم من الوحشية التي عكستها هذه الجريمة. وتوالت الدعوات للمحاسبة الفورية، وسط مطالبات بتحقيق العدالة وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب، فيما حث ناشطون على ضرورة حماية المدنيين في الساحل السوري ومنع تكرار مثل هذه الانتهاكات.وكان الرئيس السوري أحمد الشرع أعلن في وقت سابق، تشكيل لجنة تحقيق خاصة للنظر في الجرائم التي شهدها الساحل السوري، والتي راح ضحيتها مئات المدنيين. وبحسب مصادر حكومية، أطلقت السلطات حملة اعتقالات شملت عدداً من المشتبه في تورطهم في عمليات القتل الجماعي، وسط تعهدات بتقديمهم للعدالة. وقال الشرع لوكالة "رويترز": "سنعاقبهم حتى لو كانوا أقربائي".وأكدت الحكومة السورية التزامها بإجراء تحقيق مستقل لمحاسبة مرتكبي الجرائم، في خطوة تضاف إلى التحديات السياسية والأمنية المعقدة التي تواجهها دمشق منذ إطاحة نظام الأسد أواخر العام الماضي.وانتشرت أنباء عن إرسال الأمم المتحدة وفداً للتحقيق في الانتهاكات التي شهدها الساحل السوري، لكن منسق الأمم المتحدة في سوريا، آدم عبد المولى، نفى هذه المزاعم، مؤكداً أن المنظمة لم ترسل أي بعثة، نظراً لعدم حصولها على تفويض من مجلس الأمن الدولي أو مجلس حقوق الإنسان.ورغم ذلك، أكد عبد المولى، أن الفرق الأممية مازالت تواصل تقديم المساعدات الإنسانية وتأمين الحماية للعاملين في الميدان. كما أشار إلى أن المفوض السامي لحقوق الإنسان دعا إلى إجراء تحقيق مستقل وشفاف، في ظل تزايد المخاوف بشأن تصاعد الانتهاكات.
وشهدت مناطق الساحل تصعيداً خطيراً خلال الأيام الماضية، حيث اندلعت اشتباكات بين قوى الأمن وفلول النظام المخلوع. وأشارت تقارير ذات صلة إلى أن المواجهات بدأت بعد تنفيذ قوات تابعة لنظام الأسد المخلوع كميناً مسلحاً ضد قوى الأمن، ما أسفر عن مقتل 200 عنصر وجرح آخرين، فما قتل مئات المدنيين أيضاً، بعد تعرضهم لعمليات تصفية ومجازر جماعية، تتهم فيها فصائل مسلحة على رأسها "الحمزات" و"العمشات"، بالوقوف وراء هذه الجرائم، إذ دخلوا الساحل السوري يوم 7 آذار/مارس، بعد إعلان النفير العام.وفي الوقت الذي تزداد فيه مشاهد العنف، انتشرت عبر الإنترنت عشرات مقاطع الفيديو التي تحرض على استهداف فئات معينة من المجتمع السوري، بما في ذلك العلويون والدروز والأكراد، ما أثار قلقاً واسعاً بين الناشطين الحقوقيين، فيما ألقت السلطات القبض على بعض الأشخاص الذين ظهروا في فيديوهات تحريضية أو فيديوهات ينفذون فيها الانتهاكات شخصياً. وتعهد حقوقيون برفع دعاوى قضائية ضد المحرضين على العنف، حتى أولئك المقيمين في أوروبا، حسبما أفاد ناشطون، وقد ظهر شخص مقيم في ألمانيا في مقطع فيديو يدعو فيه صراحة إلى قتل العلويين، مستشهداً بفتاوى منسوبة إلى الشيخ ابن تيمية، أحد مراجع الإسلام الجهادي.وفي ظل هذه التطورات، أطلق ناشطون وحقوقيون سوريون حملات واسعة لمطالبة المجتمع بحماية المدنيين في الساحل السوري وملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم أمام العدالة. ووجه المحامي والمعارض السوري، ميشال شماس، دعوة إلى السوريين داخل البلاد وخارجها للإبلاغ عن أي محتوى تحريضي يدعو إلى العنف، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام، مؤكداً أن "الصمت هو ما يدفع هؤلاء للاستمرار في التحريض الطائفي".إلى جانب ذلك، قام مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بإنشاء إيميل خاص لإرسال كل المعلومات حول انتهاكات حقوق الإنسان في الساحل السوري خلاله، نشره ناشطون وحقوقيون في "فايسبوك".