تستمر محاكمة رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، رغم محاولاته الحثيثة للإفلات من حضور الجلسات، تحت ذريعة وضعه الصحي تارة، وحالة الحرب التي تعيشها إسرائيل على عدة جبهات.
ويمثل نتنياهو أمام المحكمة بوتيرة ثلاث جلسات أسبوعيًا، لكن المحاكمة توقفت مرارًا في أعقاب خضوعه لعملية جراحية لاستئصال البروستاتا، وكذلك بعد سفره إلى واشنطن مؤخرًا.
حددت المحكمة عدد الجلسات التي ستُعقد لنتنياهو بـ24 جلسة، وسط توقعات بمصير قاتم ينتظره على مستوى مستقبله السياسي.
ويواجه نتنياهو اتهامات بالفساد والرشوة وإساءة الأمانة في ثلاثة ملفات معروفة بالملفات "1000" و"2000" و"4000"، التي تُعدّ الأكثر خطورة.
الملف 1000: يتعلّق بحصول نتنياهو وأفراد من عائلته على هدايا ثمينة من رجال أعمال أثرياء، مقابل تقديم تسهيلات ومساعدات لهم، منها إعفاءات ضريبية ودعم دبلوماسي.*********الملف 2000: يُتهم فيه نتنياهو بالتفاوض مع أرنون موزيس، ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، للحصول على تغطية إعلامية إيجابية، مقابل تمرير قانون يُعيق توزيع الصحيفة المجانية "إسرائيل اليوم"، الأكثر قراءة في إسرائيل.*********الملف 4000: يتعلق بتقديم تسهيلات للمالك السابق لموقع "واللا" الإخباري، شاؤول إلوفيتش، الذي كان مسؤولًا في شركة "بيزك" للاتصالات، مقابل تغطية إعلامية إيجابية.*********قدم المستشار القضائي للحكومة السابق، أفيخاي مندلبليت، لائحة الاتهام بحق نتنياهو في تشرين الثاني 2019، وبدأت المحاكمة عام 2020 وما زالت مستمرة، حيث ينكر نتنياهو التهم، مدعيًا أنها "حملة سياسية تهدف إلى الإطاحة به".
وقرر القضاة استئناف محاكمة نتنياهو يوم 10 كانون الأول 2024 في المحكمة المركزية في تل أبيب، بعد أن توقفت بسبب الحرب على قطاع غزة التي اندلعت في 7 تشرين الأول 2023.
من الصعب التنبؤ بنتيجة المحاكمة، إذ يعتمد ذلك على الأدلة المقدمة، لكن إذا ثبتت التهم، قد يُحكم على نتنياهو بالسجن، خاصة في ملف الرشوة (الملف 4000)، وهو الأخطر، نظرًا لانتهاكه الصريح للقانون.
وقد يلجأ نتنياهو إلى صفقة مع الادعاء لتجنب السجن، مثل الاعتراف الجزئي ببعض التهم مقابل تخفيف العقوبة أو استبدالها بخدمة مجتمعية.
عام 2022، تحدثت وسائل إعلام عبرية عن اقتراب نتنياهو من عقد صفقة مع المحكمة لإنقاذ مسيرته السياسية المضطربة، حيث كان من المقرر أن يعترف بتهمة خيانة الأمانة مقابل عقوبة مخففة، تشمل السجن مع وقف التنفيذ وخدمة مجتمعية.
إلا أن هذه الصفقة تعثّرت بسبب إصرار المدعي العام الإسرائيلي على إدراج تهمة الفساد الأخلاقي، التي كانت ستُبعد نتنياهو عن الحياة السياسية لسبع سنوات على الأقل.
وفي حال إدانته، قد يضطر نتنياهو إلى الاستقالة من منصبه كرئيس للوزراء، بسبب الضغوط السياسية والشعبية المتزايدة.
وقد ساهمت المحاكمة في تعميق الانقسام داخل إسرائيل، بين مؤيدي نتنياهو الذين يعتبرونه ضحية لمؤامرة سياسية، ومعارضيه الذين يرون أنه استغل منصبه لتحقيق مكاسب شخصية.
كما أن هذه المحاكمة تؤثر على صورة إسرائيل داخليًا ودوليًا، حيث تُضعف الثقة في النظام الداخلي وتُظهر إسرائيل في موقف ضعيف، في ظل استمرار نتنياهو في التمسك بالسلطة رغم الاتهامات الموجهة إليه.