أعلنت كندا، أمس الأربعاء، نيتها تخفيف بعض العقوبات المالية المفروضة على سوريا، إلى جانب تخصيص 84 مليون دولار كتمويل جديد للمساعدات الإنسانية، إضافة إلى تعيين سفير غير مقيم لها في دمشق، في خطوة تعكس تحولًا في سياستها تجاه الأزمة السورية.
وفي بيان مشترك وقّعته وزيرة الشؤون الخارجية الكندية، ميلاني جولي، ووزير التنمية الدولية، أحمد حسين، أشارت الحكومة الكندية إلى "الوضع المتردي" في سوريا، ولا سيما في محافظات طرطوس واللاذقية وحمص، داعيةً السلطات المؤقتة هناك إلى اتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء العنف وتحسين الأوضاع الإنسانية.
وجاء في البيان: "نظل ملتزمين بضمان وصول المساعدات الإنسانية الحيوية إلى المحتاجين"، لافتًا إلى أن الوزير حسين أعلن عن تقديم 84 مليون دولار كتمويل جديد استجابةً للأزمة الإنسانية المتفاقمة في البلاد.
رحّب البيان بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في 10 آذار بين السلطات المؤقتة وقوات سوريا الديمقراطية، واصفًا إياه بأنه "خطوة نحو تحقيق الاستقرار"، مشيرًا إلى أهمية التنسيق بين مختلف الأطراف الفاعلة لضمان تحسين الأوضاع في المناطق الخاضعة لنفوذ هذه الجهات.
كما أعلن البيان ترشيح السفيرة الكندية في لبنان، ستيفاني مكولوم، لتشغل منصب السفيرة غير المقيمة في سوريا، في خطوة تُعد الأولى من نوعها منذ أن قطعت أوتاوا علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق عام 2012. وأكد أن هذه الخطوة ستساعد في تعزيز التواصل بين كندا والجهات الإقليمية والدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والبعثات الدبلوماسية الأخرى العاملة في الملف السوري.
يأتي هذا التحرك في وقتٍ شهدت فيه السياسة الغربية تغييرات تدريجية في التعامل مع الملف السوري، إذ بدأت بعض الدول بإعادة النظر في سياسات العزل التي فُرضت على دمشق منذ اندلاع النزاع عام 2011. وكانت فرنسا والولايات المتحدة قد جددتا موقفهما الرافض لأي تطبيع شامل مع الحكومة السورية، في حين أعادت دول عربية مثل الإمارات والأردن علاقاتها مع دمشق تدريجيًا خلال السنوات الأخيرة.
وكان المبعوث الكندي الخاص إلى سوريا، عمر الغبرة، قد أكد في منشور على حسابه عبر منصة "إكس"، أن "كندا يمكن أن تلعب دورًا فاعلًا في تمكين السوريين من بناء دولة شاملة تحترم جميع مواطنيها"، مضيفًا أن بلاده تسعى أيضًا "للمساهمة في منع سوريا من الانزلاق نحو الفوضى وعدم الاستقرار".
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن تكلفة إعادة إعمار سوريا تجاوزت 400 مليار دولار، في ظل الدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية بعد حرب مدمرة استمرت 14 عامًا، وأسفرت عن سقوط أكثر من نصف مليون قتيل، فضلًا عن نزوح أكثر من عشرة ملايين شخص داخليًا وخارجيًا.
وتبقى الخطوات الكندية قيد الاختبار، في ظل تعقيدات المشهد السياسي والإنساني في سوريا، وسط تساؤلات حول مدى تأثير تخفيف العقوبات وإعادة الحضور الدبلوماسي في تغيير المعادلات القائمة على الأرض.