كانت الأنظار أمس مشدودة الى طرابلس التي إحتضنت إجتماعا سياسيا شماليا وطنيا بإمتياز كانت له رمزيته، في زمانه في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها المنطقة وإنعكاسها على لبنان المحتل جنوبا من العدو الاسرائيلي، والمستباح شمالا بتدفق النازحين الهاربين من مجازر الساحل السوري.


وفي مكانه، دارة الرئيس نجيب ميقاتي الخارج منتصرا من معركة صمود لبنان بوجه الأزمات التي عصفت به على مدار ثلاث سنوات لاسيما الحرب الصهيونية المدمرة، وإيصاله إلى بر الأمان بإتمام الإستحقاقات الدستورية التي أعادت الإنتظام العام إلى الدولة اللبنانية بانتخاب الرئيس جوزاف عون رئيسا للجمهورية وبتشكيل حكومة برئاسة القاضي نواف سلام.


اللقاء نجح من حيث الشكل والمضمون، وكان كفيلا بتوجيه رسائل محلية، وطنية وحتى إقليمية، لما يختزن من شرعية التمثيل السياسي والشعبي، ولما تمثله طرابلس وعكار والضنية والمنية من حضور على مستوى الوطن ومن تنوع طائفي ومذهبي لا يمكن لأي كان تجاوزه.


في الشكل، وضع المشاركون تبايناتهم السياسية جانبا وتلاقوا في دارة الرئيس ميقاتي الذي حرص على تزخيم اللقاء بدعوة الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام والنائب بهية الحريري الذين أضفوا مع الوزراء والنواب الحاليين والسابقين والمرجعيات الدينية ونقباء المهن الحرة بعدا وطنيا على اللقاء الذي أنتج وثيقة إعلان طرابلس.


أما في المضمون، فقد جاء اللقاء ليواكب التطورات السياسية والأمنية، واتخاذ المواقف المناسبة حيالها. وهو أظهر أن نواب طرابلس وعكار والضنية والمنية هم كتلة متماسكة عندما تدعو الحاجة وقادرين على التفاهم والتعاون لما فيه تحقيق المصلحة الوطنية، وأن ما نسجه الرئيس ميقاتي من علاقات مع تلك المرجعيات والنواب خلال رئاسته للحكومة لا تزال مستمرة وهي قابلة للتطور، فضلا عن الإبقاء على نادي رؤساء الحكومات الذي لعب دورا هاما خلال المرحلة الماضية، إلى جانب التعاون مع النائب بهية الحريري التي تتسلم مقاليد تيار المستقبل في ظل غياب الرئيس سعد الحريري، ما يؤكد أيضا حرص الرئيس ميقاتي على أفضل علاقة مع الرئيس الحريري والسيدة بهية وتياره ورؤساء الحكومات بما يضمن وحدة الطائفة السنية وتعزيز دورها الوطني.


في المضمون أيضا، فإن اللقاء لم يكن موجها في السياسة ضد أحد، إنما أراد من طرابلس أن يضيء على الواقع الذي يرخي بثقله على لبنان جنوبا وشمالا كما هو، والتأكيد على ضرورة إنسحاب العدو الاسرائيلي ورفض التطبيع، وإيجاد الحلول السريعة لأعادة النازحين إلى ديارهم، فضلا عن إستعراض التطورات السورية ودعوة الحكومة إلى جمع وإحتضان كل مكونات سوريا الوطنية، ومحاسبة المسؤولين والمتورطين في أعمال قتل المدنيين الأبرياء والتحذير من مغبة وخطورة التورط في مواجهات أهلية عنفية، لأنّ ذلك يصب فقط في مصلحة إسرائيل.


وشددت الوثيقة على وجوب تضامن اللبنانيين وتعزيز وحدتهم الداخلية والتنبه للمؤامرات والفتن، بالتمسك بسيادة الدولة وسلطتها الواحدة والحصرية على كامل أراضيها ومرافقها، والاحترام الكامل للدستور واستكمال تطبيق اتفاق الطائف، والتمسك بحكم القانون، والاحترام الكامل لقرارات الشرعيتين العربية والدولية.


وكان لطرابلس والشمال الحصة الوازنة من التشديد على ضرورة معالجة الوضع الأمني وضبط الفلتان والاهتمام بهما من قبل الحكومة الجديدة وتنفيذ المشاريع المقرة بما يساهم في تحسين الواقع الاقتصادي ورفع المستوى الاجتماعي.


اللقاء شكل محطة هامة لجهة التأكيد على أن مناطق طرابلس وعكار والمنية والضنية غير متروكة ومن غير المسموح تهميشها وأن لها كتلة نيابية وسياسية ودينية ونقابية وإقتصادية حاضرة لرفع الصوت بإسمها والدفاع عنها، فضلا عن تفرع لوبي سني وازن من اللقاء، للحفاظ على حضور الطائفة الوطني وحماية صلاحيات رئاسة الحكومة وتعزيز دورها، لا سيما بعد الدور الاستثنائي الذي لعبته خلال السنوات الثلاث الماضية برئاسة نجيب ميقاتي الذي رد بدوره وبشكل غير مباشر على كل المشككين باستمراريّته، ليؤكد ومن مدينته طرابلس حضوره كمرجعيّة سياسية وطنية لبنانية تهتم بمصلحة لبنان واللبنانيين وتشكل خط الدفاع الأول عن الطائفة السنية ومؤسساتها الدستورية وعن طرابلس والشمال ذوا الأغلبية السنية.




Related Posts

  1. جامع البحر ـ القلمون.. بُنيَ قبل 800 عام بالرغم من حكم الصليبيين!..
  2. هزّة أرضية تضرب مصر.. هذه قوّتها




The post إعلان طرابلس.. تماسك سياسي شمالي ببعد وطني لمواكبة التطورات!.. غسان ريفي appeared first on .