كشفت رسالة إلكترونية اطّلعت عليها وكالة "رويترز" عن مقترحٍ قدّمه مسؤول في إدارة الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب، يقضي بالإيقاف التدريجيّ للمساعدات الأميركيّة إلى كلٍّ من لبنان ومجتمع اللاجئين الروهينغا. وتأتي هذه الخطوة في سياق حملةٍ أوسع لتقليص دور الوكالة الأميركية للتنمية الدوليّة (USAID) ودمج ما تبقى منها في وزارة الخارجيّة، وفق ما ورد في الرسالة.نصّ الرسالة وخلفياتهاوأظهرت الرسالة، التي وجّهها في 16 شباط المسؤول بيتر ماروكو، القائم بأعمال نائب مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية آنذاك، رغبة الإدارة الأميركية في التأكد من أنّ برامج المساعدات الخارجيّة "تفيد الولايات المتحدة" بشكلٍ مباشر، وأنّ المستفيدين منها يُبدون ما اعتبره ماروكو "نوعًا من التقدير أو حسن النيّة" تجاه الشعب الأميركيّ.
ودعا ماروكو في الرسالة تيم ميسبرجر، رئيس مكتب الشؤون الإنسانيّة في الوكالة، إلى صياغة "مذكرة عمل" تلفت انتباه وزير الخارجيّة حينها، ماركو روبيو، إلى ما وصفه بـ"الاعتماد الغريب" لكل من لبنان والروهينغا على المساعدات الأميركيّة، مطالبًا بتقديم أفضل طريقة وجدولٍ زمني لإنهاء ذلك الاعتماد. وأورد ماروكو في معرض رسالته إشارةً إلى إعادة انتخاب ترامب في عام 2024، قائلًا: "يجب أن نحدّد الخيارات المتعلقة بكيفية إرسال إشارة فورية مفادها أنه على الرغم من تعاطفنا، فقد تلقى الناس تنبيهًا في الخامس من تشرين الثاني، وسيتعيّن أن تتغيّر الأمور".دوافع التوجّه الجديدوبحسب مصدر مطّلع تحدّث لـ"رويترز"، فإنّ ماروكو "غير مقتنع بأنّ هذه الفئات تحتاج إلى مزيد من المساعدات". ولم يُعرَف ما إذا كان ميسبرجر قد أرسل المذكرة المطلوبة أو حجم المساعدات التي لا تزال تتدفق بالفعل على لبنان وعلى أكثر من مليون لاجئٍ من الروهينغا هربوا من الاضطهاد في ميانمار، التي صنّفتها الولايات المتحدة في عام 2022 دولةً تمارس "إبادة جماعية".
يُذكر أنّ الولايات المتحدة تقدّم، تقليديًّا، مساعداتٍ عسكرية وإنسانيّة واقتصاديّة إلى لبنان، فيما تحظى برامج الدعم الغذائي والطبي بأولوية في الحالات الطارئة، وقد صمدت هذه المساعدات رغم تجميد الرئيس ترامب لجميع المساعدات الخارجية لمدّة 90 يومًا منذ دخوله البيت الأبيض في 20 كانون الثاني ، بانتظار مراجعة تتوافق مع سياسة "أميركا أولًا".
وبحسب المصدر نفسه، فقد جرى استثناء المساعدات الغذائيّة الطارئة للبنان وللروهينغا من قرار تجميد المساعدات في 24 شباط، بقرارٍ من وزير الخارجية ماركو روبيو. ثمّ في 28 شباط، مُنح إعفاءٌ كامل يشمل الأدوية المنقذة للحياة والخدمات الطبيّة والمأوى، فضلًا عن التكاليف الإدارية الضرورية لتقديم هذه المساعدات.موقف فرنسا ودعم لبنانتزامن الكشف عن هذا التوجّه الأميركي مع مستجدّاتٍ لبنانية أخرى، حيث تلقّى رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، اتّصالًا هاتفيًّا من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ونشر ماكرون عبر حسابه على منصة "إكس" تغريدةً هنّأ فيها سلام على "الجهود التي يبذلها هو والحكومة لدعم وحدة وأمن واستقرار لبنان"، كما بحث معه آفاق إعادة الإعمار والإصلاحات الضرورية لتحقيق ذلك. وأعلن ماكرون أنه سيستقبل رئيس الجمهورية اللبنانية، جوزف عون، في 28 آذار في باريس، مؤكدًا أنّ التزام فرنسا تجاه لبنان "ما زال قويًّا".الحريري في ذكرى اغتيال جنبلاطمن جهةٍ أخرى، استذكر الرئيس سعد الحريري في بيانٍ له ذكرى اغتيال الزعيم كمال جنبلاط التي تحلّ هذا العام في ظلّ تطوّر لافت تمثّل بتوقيف المتهم الأوّل في الجريمة، بعد عقودٍ من "الحمايات والمكافآت"، بحسب الحريري. وقال: "قبل 48 سنة اغتال نظام حافظ الأسد كمال جنبلاط ودخل جيشه إلى لبنان على دمائه. وبعد 28 عامًا خرج هذا الجيش على دماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري".
وأضاف الحريري أنّ "دماء كمال جنبلاط ورفيق الحريري، ومن سبقوهما ومن لحقوهما، جاءت دفاعًا عن لبنان السيّد الحر المستقل وتمسّكًا بالدولة ومؤسساتها"، معتبرًا أنّ المرحلة الراهنة تستدعي "التعاون على بناء دولة طبيعية يكون السلاح فيها حصرًا بيد الجيش والقوى الأمنية الرسمية، ويكون الدستور الفيصل بين الجميع". وختم: "صحيح أنّ دماء كمال جنبلاط ورفيق الحريري جمعتنا، ولكن يبقى القاسم المشترك الأكبر بيننا هو السعي لتحقيق حلمهما بالعمل مع الجميع من أجل ربيع دائم للبنان".