عملاً بمبدأ أن الحروب غالباً ما تنتصر فيها القوة التي تتمتع بأكبر ميزة تكنولوجية، جعلت الولايات المتحدة من تكنولوجيا النانو محوراً مركزياً لبحوث صناعة الدفاع، بحيث سيظهر ذلك قريباً مع تقنياتٍ جديدة سيتسلمها الجيش الأميركي. وتتضمن التكنولوجيا النانوية التلاعب بالمادة على المستوى الذري أو الجزيئي، وعادةً ما يكون ذلك في حدود مليار من المتر. والتطبيقات المحتملة للتكنولوجيا النانوية في الطب والتصنيع والحوسبة واسعة النطاق، ولكن هذا المجال يقدم أيضاً مجموعة من الاحتمالات للاستخدام العسكري، وخصوصاً في شكل أسلحة نانوية قادرة على العمل بطرقٍ لا تستطيع الأسلحة التقليدية القيام بها.
الملابس القتالية والمواد النانويةيتعاون حالياً معهد "تكنولوجيات النانو للجنود" مع الجيش الأميركي ومعهد "ماساتشوستس للتكنولوجيا" في مشروعٍ يهدف إلى تقليل الخسائر بين جنود المشاة من خلال تطوير بدلة قتال نانوية للجنود.وتشمل الأفكار التي تُختبر لهذا الدرع الشخصي الفريد من نوعه عالمياً أجهزة استشعار مصممة بتقنية النانو للكشف عن العوامل البيولوجية والكيميائية، ومواد تمتص الطاقة للحماية من الانفجارات أو الرصاص، ودرع خفيف الوزن للغاية يتمتع بمرونة الليكرا.إضافةً إلى ذلك تختبر هذه الأطراف الثلاثة أجهزة استشعار نانوية لتتبع معدل ضربات قلب الجندي وضغط دمه، وأجهزة إرسال مدمجة تساعد فرق الإخلاء الطبي في تحديد موقع الجنود الجرحى في ساحة المعركة لاستخراجهم أو مساعدة المسعفين بتقديم أفضل رعايةٍ طبية لهم.الروبوتات النانويةلطالما استحوذت فكرة الروبوتات النانوية الصغيرة القادرة على التكاثر على خيال العلماء حيث قدمت رؤية للآلات المستقلة التي يمكن أن تخدم أغراض هجومية ودفاعية في الحرب.وتعمل الولايات المتحدة بالفعل على تطوير روبوتات نانوية، وهي روبوتات مجهرية تُبنى على المستوى الذري في أراضي العدو لجمع المعلومات الاستخبارية بطرقٍ لا تستطيع أنظمة الاستطلاع التقليدية القيام بها. ونظراً لصغر حجمها، يمكنها التسلل بسهولة إلى المناطق الآمنة، أو مراقبة المحادثات، أو تتبع تحركات القوات دون اكتشافها.في المستقبل، قد تعمل الروبوتات النانوية كجزء من "شبكة نانوية" أوسع، حيث تتواصل آلاف أو ملايين الأجهزة الصغيرة وتتعاون لإنجاز عمليات مراقبة واسعة النطاق. ومن خلال نشر هذه الروبوتات النانوية عبر ساحة المعركة، يمكن للقيادات العسكرية جمع البيانات في الوقت الحقيقي عن تحركات العدو وظروف التضاريس بدقةٍ غير مسبوقة.وهناك تجارب عسكرية أكثر إثارة للقلق للأسلحة النانوية وتكمن في قدراتها التدميرية. ومن الناحية النظرية، يمكن هندسة الروبوتات النانوية للتسلل إلى آلات العدو أو معداته أو بنيته الأساسية وتدميرها من الداخل. وعلى سبيل المثال، يمكن للروبوتات النانوية استهداف مكوناتٍ محددة في أنظمة أسلحة العدو، وتعطيل أنظمة توجيه الصواريخ، أو إفساد الدوائر الإلكترونية. ولأن الروبوتات النانوية مبنية على المستوى الجزيئي، فإنها تستطيع تجاوز الدفاعات المادية التقليدية والعمل بدرجةٍ من الدقة لا تستطيع المتفجرات التقليدية أن تضاهيها.المتفجرات المعززة بالمواد النانويةوسيسمح التقدم الذي أحرزته تكنولوجيا المقذوفات باستخدام المواد النانوية بتعبئة كميةٍ كبيرة من المساحيق النانوية في مقذوف أصغر حجماً، ما يؤدي إلى زيادة المدى وقوة الانفجار. وهذا فعلياً ما يعمل عليه الجيش الأميركي حالياً إلى جانب تسخير المواد النانوية لتوفير ميزات بنيوية متقدمة لأغلفة الصواريخ وقذائف المدفعية، وتحسين قدرات اختراق الدروع وتعزيز القوة التدميرية للقنابل الخارقة للتحصينات.وحسب خبراء عسكريين أميركيين، قد تسمح تكنولوجيا النانو ذات يوم بإنشاء "قنبلة نووية صغيرة" لا يزيد وزنها عن كيلوغرامٍ واحد أو كيلوغرامين ولكنها تمتلك قوة تفجيرية تعادل مئة طن من مادة "تي إن تي".تطبيقات عسكرية أخرىإلى ذلك ستجهز وزارة الدفاع الأميركية قريباً الجنود والمركبات بهوائياتٍ دقيقة يمكن دمجها في زي الجنود باستخدام مواد نانوية منسوجة في النسيج أو عن طريق خلط المواد النانوية مباشرة في المعادن أو المطاط أو البلاستيك. وهذا من شأنه أن يتيح وضع علامات لتحديد الهوية عن بعد، ومجموعات صوتية، وأجهزة استقبال واتصالات لاسلكية دقيقة لتعزيز الاتصالات. وبالتالي سيمّكن القيادات العسكرية في ساحة المعركة من معرفة الموقع الدقيق لكل جندي أو قطعة عسكرية في الوقت الحقيقي.وتقوم وزارة الدفاع الأميركية بتطوير تكنولوجيا النانو لإنتاج خلايا وقود أكسيد صلب يمكنها إنتاج طاقة أكبر من الوقود التقليدي. وتعمل جاهدةً لإضافة الجسيمات النانوية إلى الوقود لتصنيع طائراتٍ مقاتلة ودبابات وسفن بسرعاتٍ أكبر، وأوقات طيران أطول، ونطاقات تشغيلٍ أوسع.