عندما إغتيل الزعيم الوطني الشهيد كمال جنبلاط في ١٦ آذار عام ١٩٧٧ رفع الحزب التقدمي الإشتراكي شعار: “سيبقى فينا وينتصر”، واليوم بعد ٤٨ عاما، رفع الحزب شعار: “صبرنا.. صمدنا وإنتصرنا” في إشارة إلى أن النظام الذي أعطى الأوامر بتنفيذ عملية الإغتيال قد سقط، وأن من نفذ هذه العملية وهو اللواء إبراهيم حويجة قد أصبح في قبضة الأمن السوري، لذلك فقد أعلن الرئيس السابق وليد جنبلاط بإسمه وإسم الحزب والعائلة خلال إحياء الذكرى أمس وأمام حشد غفير وغير مسبوق من المناصرين ختم هذا التقليد السنوي بالدعوة العامة إلى إحياء الذكرى بعد تحقيق العدالة التي سعى اليها جنبلاط على مدار ٤٨ عاما.
شكل الاحتفال الختامي بذكرى إستشهاد الزعيم الوطني كمال جنبلاط، محطة حملت دلالات سياسية بالغة الأهمية في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة عموما والدروز بشكل خاص، حيث أكدت أن العصبية الجماهيرية والشعبية للزعيم وليد جنبلاط ما تزال في أوجها بالرغم من المحاولات الجارية من أكثر من طرف لخرقها والدخول عليها وتأليبها على خياراته الوطنية والعروبية.
وجاء الحشد السياسي الذي جمع الأضداد من القوات إلى المستقبل إلى حزب الله الى الكتائب إلى حركة أمل وغيرهم وأجلسهم جنبا إلى جنب، ليؤكد أن وليد جنبلاط كان وما يزال يشكل قاسما مشتركا قادرا على تقديم هذا المشهد الوطني بتلاوينه وتنوعه، وصلة وصل بين المكونات اللبنانية على إختلاف توجهاتها، وبين كل أبناء طائفة الموحدين الدروز حيث كان لمشاركة وفد كبير من دروز السويداء برئاسة الشيخ ليث بلعوس خصوصية سيما أنه يقود معركة رجال الكرامة الذين يسيرون وفق التوجه العروبي والوطني ويسعون إلى سوريا الموحدة ويرفضون سلخ السويداء عن محيطها السوري، كما أشارت معلومات إلى أن برقية تعزية وإشادة بالشهيد كمال جنبلاط وصلت إلى بيك المختارة من حكمت الهجري الذي يسير إلى جانب الشيخ موفق طريف في السويداء.
كذلك، كان لحضور سفراء اللجنة الخماسية والتضامن الذي أظهره السفير السعودي وليد البخاري لكل من وليد وتيمور جنبلاط رسالة واضحة حول الدور المستقبلي الذي ترغب الدول الراعية أن يلعبه الحزب التقدمي الاشتراكي في مسيرة بناء الدولة اللبنانية وإجراء الإصلاحات المطلوبة سواء من خلال كتلة اللقاء الديمقراطي في مجلس النواب أو ضمن الحكومة.
هذا الحشد الشعبي الكبير والسياسي المتنوع دفع وليد جنبلاط إلى التأكيد على جملة من الثوابت والمسلمات والوطنية والداخلية المتعلقة بالطائفة الدرزية.
فعلى المستوى الوطني قدم جنبلاط خطابا عروبيا في وجه التقسيم وضد إسرائيل التي تحاول تفتيت سوريا وبعدها لبنان وكل المنطقة العربية، مذكرا بالمصالحة التاريخية برعاية البطريرك الراحل نصرالله صفير، للتأكيد على العيش المشترك اللبناني – اللبناني الذي يشكل منطلقا للإستقرار في كل أرجاء الوطن، ومشددا على متابعة ترسيم الحدود حفاظا على السيادة الوطنية وتطبيقا للقرارات الدولية، وعلى إعادة إعمار الجنوب، وبناء علاقات جيدة لبنانية – سورية وترسيم الحدود بين البلدين برا وبحرا.
وحملت كلمة جنبلاط ما يشبه الوصايا لبني معروف، بدعوتهم للحفاظ على الهوية العربية والإسلامية وعلى تاريخهم النضالي وعلى موقفهم في مواجهة إحتلال الأرض العربية في الجولان وفي فلسطين، محذرا إياهم من الاختراق الصهيوني الذي يريد أن يحول الدروز إلى قومية، ومن إستخدام البعض كإسفين لتقسيم سوريا وباقي المنطقة تحت شعار تحالف الأقليات الذي عارضه كمال جنبلاط وإستشهد رفضا لهذا المشروع.
كما عبر جنبلاط عن رفضه المطلق لزيارة المشايخ الدروز إلى فلسطين المحتلة، معتبرا أن الزيارات الدينية لا تلغي الاحتلال.
يمكن القول، إن جنبلاط مع إختتامه لتقليد إحياء ذكرى إستشهاد والده شعبيا، رسم خارطة طريق وطنية ودرزية، وقد أكد الحشد غير المسبوق الذي ملأ جنبات والطرقات المؤدية إلى ساحة البركة في المختارة أن جنبلاط قادر على الضغط لتنفيذ هذه الخارطة بالشرعية الشعبية التي حتما ستتجسد في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة سواء كانت بلدية أو نيابية!..
The post جنبلاط يجمع الأضداد ويرسم خارطة طريق وطنية ودرزية.. حذار من التقسيم!.. غسان ريفي appeared first on .